ما حكم من يسبُّ الخالق جل شأنه؟
سبُّ الله تعالى ردةٌ عن دين الإسلام
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4675)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
ما حكم من يسبُّ الله؟ وهل يفسخُ عقد زواجه؟ وما الواجب شرعًا على زوجتهِ؟ وما الواجب على أهلها عند علمهم أنّ زوج ابنتهم يسبُّ الله؟ وما الواجب شرعًا على المسلم تجاه مَن يقوم بسب الله؟ وما حكم من يخطِبُ مسلمةً لابنه العاقّ الذي يسبُّ الله؟ وما الواجب شرعًا على الجهات المسؤولة في الدولة تجاه من يثبتُ عليه ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فلا شكّ أن سبّ الله تبارك وتعالى، وسبّ الدين، ردةٌ عن دينِ الإسلام، وخروجٌ من الملة – عياذًا بالله – قال القاضي عياض رحمه الله: “لَا خِلَافَ أَنَّ سَابّ اللهِ تَعَالَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَافِرٌ، حَلَالُ الدَّمِ” [الشفا: 2/270]، وقال ابن راهويه رحمه الله: “وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَنْ سَبّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، أَوْ سَبَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم… وَهْوَ مَعَ ذَلِكَ مُقِرٌّ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، أَنَّهُ كَافِرٌ” [التمهيد: 4/226]، ولقد استفاض النقل عن العلماء في كتبهم، أنّ سبَّ اللهِ والدينِ ردةٌ عن دين الإسلام.
وبسبِّ الزوج اللهَ سبحانه وتعالى أو الدينَ تَبينُ منه زوجتُه بينونةً صغرى، قال الدردير رحمه الله: “(وَفُسِخَ لِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا بِلَا طَلَاقٍ) … (لَا رِدَّتِهِ) أَيْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، فَلَيْسَ فَسْخًا مُجَرَّدًا، بَلْ هُوَ طَلَاقٌ، وَإِذَا كَانَتْ طَلْقَةً (فَبَائِنَةٌ) لَا رَجْعِيَّةٌ، فَلَا بُدَّ مِنْ عَقْدٍ جَدِيدٍ، فَإِنْ وَقَعَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ” [الشرح الكبير على مختصر خليل: 2/270].
والواجب على زوجة من يسبُّ الله تعالى أن تمنعَ نفسها منه، إلى أن يتوبَ إلى الله سبحانه، وإلى أن يعقدَ عليها عقدًا جديدًا برضاها، وبصداقٍ جديد وشاهدين، وهو الواجبُ على أهلها كذلك.
ولا يجوز للأب أن يخطبَ مسلمةً لابنه إن كان عالمًا بسبِّه لله تعالى أو لدينه؛ لأنه قد ارتدَّ عن دين الإسلام، ونكاح المسلمة من غير المسلم ممنوع شرعًا، قال ابن يونس رحمه الله: “وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُرْتَدِّ وَلَا الْمُرْتَدَّةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَعْنًى إِذَا طَرَأَ عَلَى النِّكَاحِ أَوْجَبَ فَسْخَهُ، فَإذَا وُجِدَ فِي الابْتِدَاءِ مُنِعَ الْعَقْدُ، أَصْلُهُ الْملْكُ وَالرَّضَاعِ” [الجامع لمسائل المدونة: 9/359].
والواجب على المسلمين جميعًا أن يتقوا الله سبحانه، ويتواصَوا بالحق فيما بينهم، ومن عُلم أنه يسبّ الله تبارك وتعالى، فيجب رفعه للقضاء؛ لاستتابته وإقامة حكم الشرع عليه، ولا يجوز للمسلمين السكوتُ والرضا عن مثل هذا المنكر العظيم، ويجبُ على الجهات المسؤولة في الدولة تجاه من يثبتُ عليه سبُّ الله، أن تُقيم عليه حكم الشرع بعد استتابته، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم بن سليم الشوماني
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
10//ربيع الأول//1443هـ
17//10//2021م