طلب فتوى
الفتاوىالمعاملاتقضايا معاصرة

التقيد بالأنظمة واللوائح التنظيمية واجب

تقييد ولي الأمر للمباح

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4676)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

تنص اللوائح المنظمة لافتتاح المخابز؛ على ألَّا تقل المسافة بين المخبز والمخبز عن 500 متر، فما حكم افتتاح مخبزٍ جديدٍ يفصله عن المخبز السابق 40 مترًا فقط؟ علما أنّ صاحب المخبز القديم يخشى التضرر من ذلك بنقصِ المبيعات، وأن صاحبَ المخبز الجديد يحتجُّ بأن نوع الخبز الذي سينتجه يختلفُ عن النوع الذي ينتجه المخبز القديم.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالضرر المتوقع من نقص مبيعات المخبز القديم، بسب افتتاح المخبز الجديد، غير معتبر شرعًا؛ لأن نقصَ الغلةِ أو انعدامها ليس ضررًا مانعًا من الإحداث، قال التسولي رحمه الله: “(فَإِنْ يَكُنِ) الشَّيْءُ الْمُحْدَثُ (يَضُرُّ بِالْمَنَافِعِ) فَقَطْ (كَالْفُرْنِ) يُحْدِثُهُ (بِـ) قُرْبِ (الْفُرْنِ) أَوِ الرَّحَى يُحْدِثُهَا بِقُرْبِ أُخْرَى أَوْ حَمَّامٍ كَذَلِكَ فَتَقِلُّ غَلَّةُ الْأَوَّلِ أَوْ تَنْقَطِعُ بِالْكُلِّيَّةِ (فَمَا مِنْ مَانِعٍ) مِنْ ذَلِكَ اتِّفَاقًا حَيْثُ كَانَ الْمُحْدَثُ لَا يَضُرُّ بِالْقَدِيِم بِشَيْءٍ مِنْ وُجُوهِ الضَّرَرِ، بَلْ فِي نُقْصَانِ الْغَلَّةِ أَوِ انْقِطَاعِهَا فَقَطْ، قَالَهُ ابْنُ سَهْلٍ” [البهجة: 2/558].

لكن التقيّد بالأنظمة التي يضعها وليّ الأمر لتنظيم المصالح وتحصيلها واجبٌ، ويكون ذلك مِن باب تقييد وليِّ الأمر للمباح، وقد نص العلماء على أن لولي الأمر تقييدَ المباح، غير المنصوص عليه، وهو ما سكتَ عنه الشارع، وكان داخلًا في العفو العام، الذي دلَّ عليه أثر ابن عباس رضي الله عنهما: “فَبَعَثَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم، وَأَنزَلَ كِتَابَهُ، وَأَحَلَّ حَلَالَهُ، وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، فَمَا أَحَلَّ فَهْوَ حَلَالٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهْوَ حَرَامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهْوَ عَفْوٌ” [أبوداود:3800].

عليه؛ فلا يجوز افتتاح هذا المخبز؛ إذا تبين مخالفته للوائح المنظمة، والإقدامُ على افتتاحهِ إنْ كان دون ترخيصٍ فهو مخالفةٌ شرعيةٌ؛ لعدم توفر الشروط المطلوبةِ، المتعلقةِ بالصحةِ والسلامةِ وغير ذلك، وإن كان بترخيصٍ تمّ تزويره وإعطاء الرشوة في استخراجه فالمخالفةُ أشدّ، ويجب على صاحب المخبز أن يتوقفَ، ويخافَ الله، ويلتزمَ بالأحكام الشرعية في عملٍ قد يعودُ بالضررِ على المسلمين في قوتِهم، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

عبد الرحمن حسين قدوع

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

10//ربيع الأول//1443هـ

17//10//2021م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق