طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

هل يمنع تمليك الزوج الطلاق لزوجته من إيقاعه الطلاق عليها؟

تمليك الزوج غيره في إيقاع الطلاق

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4736)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

ابنتي متزوجة برجل متسرع بالطلاق، وقد طلقها مرتين فيما سبق، فهل لزوجها أن يُمَلِّكها الطلاق، أي أن تكون عصمة الطلاق بيدها، بحيث لا يعد نافذًا إن صدر عنه، وذلك حفاظًا على استمرار الحياة الزوجية بينهما، وعلى أسرته وأبنائه من التفكك؟

الجواب:

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن الله عز وجل جعل الطلاق بيد الأزواج لقوامتهم؛ فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) [الطلاق:1]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :(إِنّمَا الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسّاقِ) [ابن ماجه: 6354]، والمقصود أن الذي يملك إيقاع الطلاق وحل العصمة هو الزوج، الذي له أن يأخذ بساق المرأة، وتمليك الزوج الطلاق للمرأة لا يمنعه من إيقاع الطلاق عليها، فإنه الأصل، وتمليكه الطلاق للزوجة توكيل، والوكيل لا يحول بين الأصيل وما وكّل فيه، قال ابن شاس: “إِذَا مَلَّكَهَا الزَوْجُ أَوْ خَيَّرَهَا كَمَا تَقَدَّمَ، أَوْ مَلَّكَ غَيْرَهَا، لَمْ يَنْتَقِلْ بِذَلِكَ الطَلَاقُ عَنْ مِلْكِ الزَوْج، وَلَا خَرَجَتِ الْعِصْمَةُ مِنْ يَدِهِ، بَلْ لِلْمُمَلَّكِ أَنْ يَقْضِيَ فِيهِ فَقَطْ، وَالْعِصْمَةُ بَاقِيَةٌ بِيَدِ الزَّوْجِ، بِدَلِيل أَنّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ بِمُجَرَّدِ التَمْلِيكِ، حَتَّى يَقْضِيَ مَنْ جُعِلَ لَهُ التَمْلِيكَ، وَأَنّ طَلَاقُهُ لَهَا بَعْدَ التَمْلِيكِ يَلْحَقُهَا” [عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة 2/517].

وعليه؛ فإنّ تمليك الزوجةِ طلاقَ نفسِها لكون الزوج متسرعًا، لا يحل الإشكال بل ربما يزيد الطين بلّة، فبدلًا من أن كان المطلق واحدًا صار اثنين، بل الحل أن يُوعَظ الزوج ويضبطَ نفسه، ولا يتسرع في إيقاع الطلاق، على غير سبب صحيح، أو حاجة تدعو إليه، وأن يلجأ إلى الوسائل الشرعية في إصلاح ما بينه وبين زوجته عند الاختلاف؛ فهو أدعى للاستمرار والحفاظ على أسرته مِن التفكك، والله أعلم.

وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

07//جمادى الأولى//1443هـ

12//12//2021م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق