ما حكم النكاح بنية الطلاق؟
هل إضمار الطلاق قبل النكاح يصيره نكاح متعة؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3889)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
كثير من الشباب يخرج من بلاده فارًّا منها، ويواجهونَ بعد ذلك مشكلة في الحصول على الأوراق الثبوتية لتلك البلاد، فهل يجوز لهم الزواج من أجل الحصول على الأوراق ثم الطلاق؟
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فهذا العمل الذي ذكر في السؤال، يسميه أهل العلم النكاح بنية الطلاق، والنكاح بنية الطلاق إن شرط في العقد؛ فالعقد فاسد، سواء شرط من الرجل أو من المرأة، وهو من نكاح المتعة، ففي التاج والإكليل: “قال ابن عرفة: نِكَاحُ الْمُتْعَةِ فِيهَا هُوَ النِّكَاحُ إلَى أَجَلٍ أَوْ بُعْدٍ، قال اللَّخْمِيِّ: وَسَوَاءٌ شَرَطَ الْأَجَلَ الرَّجُلُ أَوْ الْمَرْأَةُ يَفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ” [5/85].
أما إذا كان ذلك بلا اشتراط منهما، فلا يفسد النكاح اتفاقًا عند أصحاب مالك، ولو فهمت المرأة بعد ذلك على المشهور، قال عليش في شرحه على المختصر: “وَأَمَّا إنْ لَمْ يُذْكَرْ ذَلِكَ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ وَقَصَدَهُ الزَّوْجُ فِي نَفْسِهِ، وَفَهِمَتْ الْمَرْأَةُ وَوَلِيُّهَا مِنْهُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ، قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ” [منح الجليل:3/304]، ونقل ابن قدامة هذا القول عن جمع من أهل العلم فقال: “وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ شَرْطٍ، إلَّا أَنَّ فِي نِيَّتِهِ طَلَاقَهَا بَعْدَ شَهْرٍ، أَوْ إذَا انْقَضَتْ حَاجَتُهُ فِي هَذَا الْبَلَدِ، فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، إلَّا الْأَوْزَاعِيَّ قَالَ: هُوَ نِكَاحُ مُتْعَةٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَا تَضُرُّ نِيَّتُهُ، وَلَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَنْوِيَ حَبْسَ امْرَأَتِهِ وَحَسْبُهُ إنْ وَافَقَتْهُ، وَإِلَّا طَلَّقَهَا” [المغني:7/179].
عليـه؛ فمن ألجأته الضرورة للخروج من بلده، وأراد الزواج بنية الطلاق، ولم يشترط ذلك في العقد؛ جاز له فعل ذلك، إذا وقع العقد مستوفيًا لشروطه ومنتفيةً عنه موانعه، ولكن ليس من الأخلاق أن يضمرَ الزوج ذلك في نفسه عند إرادة النكاح؛ لأنه مخالف لحكمة الزواج، القائم على المودة وحسن العشرة، ويبقى النظر في حكم استخراج الأوراق الثبوتية، فإن اشتمل على موانع شرعية مُنع، وإلا فلا بأس، والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
02/رمضان/1440هـ
07/05/2019م