بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3938)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
طلقت زوجتي – ولي منها أطفال – لمشاكل عائلية، ثم اتصلت بها هاتفيا قبل انتهاء العدة، وقلت لها: (أنا رجعتك، ويمكن أن ترجعي للبيت) فوافقتْ، لكنَّ والدها منعها من العودة إلا بشروط، وهي لا تستطيع مخالفة أمره؛ خوفا منه ومراعاة لصحته، فهاتفتُه لأعلم شروطه في إرجاعها، فماطلني حتى انتهت مدة العدة، فهل يعد إرجاعي لزوجتي هاتفيا رجعة صحيحة، وهل يجوز لزوجتي أن تخالف أمر أبيها وتنفذ أمري بالعودة إلى بيتها؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الرجعة في العدة حقٌّ للزوج، ولا يشترط في صحتها علمُ الزوجةِ ولا رضاها، ولا علمُ أهلها، قال تعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا﴾ [البقرة:228]، ويكفي القول الصريح لصحة الرجعة، كأنْ يقول لمطلَّقته وهي في العدة: راجعتُكِ، أو ارتجعتُكِ، أو رددتك لعصمتي، أو بأي لفظٍ صريحٍ، يدلُّ على معنى الرجعة، ولو بلا نية الرجعة، قال الخرشي رحمه الله: “الْمَشْهُورُ – وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ – أَنَّ الْقَوْلَ الصَّرِيحَ الْمُجَرَّدَ عَنِ النِّيَّةِ يَكُونُ كَافِيًا فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ، وَلَوْ كَانَ هَازِلًا فِيهِ؛ لِأَنَّ هَزْلَهُ جِدٌّ، وَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ” [شرح الخرشي 4/81].
عليه؛ فرجعتك صحيحة، وزوجتك باقية في عصمتك، ولا يحقّ لوالدها منعها من الرجوع إلى بيت زوجها، إذ الرجعة لا تفتقرُ إلى إذن الولي ولا المرأة، ولا إلى صَداق، ولا طاعة لأبيها فيما يغضب ربها ويوجب سخطه، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: (السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ عَلَيْهِ وَلاَ طَاعَةَ) [الترمذي:1707]، فعليها إطاعة أمر زوجها بالعودة للمنزل، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
26/ذو القعدة/1440هـ
29/07/2019م