طلب فتوى
الطهارةالعباداتالعقيدةالفتاوى

كيف يتعامل المسلم مع الأوراق الملقاة على الأرض؟

كيف يتم تطهير السجاد من بول الصبي؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3940)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤالان التاليان:

السؤال الأول: يكتب على بعض أغلفة المواد الغذائية أسماء محترمة كشارع سيدي امحمد الجزائري، أو اسم صاحب المصنع نحو أبو عيسى، وكذا ما يلقى من أسماء بأوراق الجوازات، وكذا الأوراق المقطوعة من المصحف مما لا تحوي قرآنا، فهل يجب عليَّ النظر في الملقى على الأرض ورفعه، أم أتركه؟

الجواب:

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ المحرم شرعًا هو إلقاء الأوراق المتضمنة لنصوص مقدسة – من الكتاب أو السنة أو اسمٍ مِن أسماءِ الله تعالى، أو الأنبياء – في الطرقاتِ، أو أماكنِ القمامةِ والمكباتِ وهو ردة عن دين الله، وصاحبُه على خطرٍ عظيم، وكذا تركها لمن مر بها؛ لما يترتبُ على ذلك من امتهانها واحتقارها، والاستخفافِ بها.

ومعلومٌ أنّ مَن يقصدُ الاستخفافَ بشيءٍ مِن القرآن أو السنةِ أو الشريعةِ، فإنّه يكونُ مرتدًّا عنْ ملةِ الإسلامِ؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ أَبِاللَّهِ وَءَايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ [التوبة: 65]، ومن فعل ذلك دونَ قصدِ الاستهزاءِ غفلةً منه، فإنه آثمٌ إثمًا كبيرًا؛ لتهاونهِ وإهماله، قالَ الدردير رحمه الله في بابِ الردةِ وأحكامها: “(أَوْ فِعْلٍ يَتَضَمَّنُهُ) أَيْ يَقْتَضِي الْكُفْرَ وَيَسْتَلْزِمُهُ اسْتِلْزَامًا بَيِّنًا (كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَذَرٍ) وَلَوْ طَاهِرًا كَبُصَاقٍ أَوْ تَلْطِيخِهِ بِهِ وَالْمُرَادُ بِالْمُصْحَفِ مَا فِيهِ قُرْآنٌ وَلَوْ كَلِمَةً، وَمِثْلُ ذَلِكَ تَرْكُهُ بِهِ أَيْ عَدَمُ رَفْعِهِ إنْ وَجَدَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ” [الشرح الكبير: 4/301]، ويدخل في ذلك أسماء الأنبياء إذا اقترنت بما يدل على النبوة، قال الدسوقي رحمه الله: “وَأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِقَصْدِ التَّحْقِيرِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِهَا بِأَنْ يُلْقِيَهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا اسْمُ نَبِيٍّ لَا مُطْلَقًا، وَقَوْلُهُ: (وَأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ) أَيْ الْمَقْرُونَةِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِثْلَ ـ صلى الله عليه وسلم ـ لَا مُطْلَقًا” [حاشية الدسوقي:4/301]، وإن كان المكتوب اسمًا لعالم أو لأحد من السلف الصالح، أو علم شرعي، فيكره رميه وامتهانه، قال ابن الحاج: “… وَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهِ أَسْمَاءُ الْعُلَمَاءِ أَو السَّلَفِ الصَّالِح – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ – أَوْ الْعُلُومُ الشَّرْعِيَّةُ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ، وَلَا يُبْلَغُ بِهِ دَرَجَةُ التَّحْرِيمِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ” [المدخل:4/89].

ولا يستلزم هذا النظر في كل ورق على الأرض ولا المغالاة في هذا الباب؛ لأن ذلك قد يورث الوساوس – كما هو ظاهر كلام السائل – والعلاج لمن سيطرت عليه الوساوس هو الإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها، ولا الاهتمام بها، بل يتجاهلها، وأن يستعيذ الموسوس بالله تعالى منها، وهو العلاج النبوي للوسواس، ففي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ لِلشَّيْطَانِ لَمَّةً بِابْنِ آدَمَ وَلِلْمَلَكِ لَمَّةً؛ فَأَمَّا لَمَّةُ الشَّيْطَانِ فَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ، وَأَمَّا لَمَّةُ الْمَلَكِ فَإِيعَادٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ، فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ الْأُخْرَى فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، ثُمَّ قَرَأَ: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ) [الترمذي:2988]، والله أعلم.

السؤال الثاني: كيف يتم تطهير السجاد من بول الصبي ذي السبع سنوات بعد جفافه؟

الجواب:

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن البول نجس كله، ولو من صغير لم يأكل الطعام، وتطهيره يكون بغمر المحل بالماء، بقدر ما يذهب صفاته من لون وطعم وريح، فعَنْ عَائِشَة رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: (أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إيَّاهُ) ]الموطأ [109:، قال الباجي صلى الله عليه وسلم: “يُرِيدُ أَنَّهُ صَبَّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ مَا غَمَرَهُ وَأَذْهَبَ لَوْنَهُ وَطَعْمَهُ وَرِيحَهُ فَطَهُرَ بِذَلِكَ الثَّوْبُ” ]المنتقى:1/128[، والله أعلم.

وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

26/ذو القعدة/1440هـ

29/07/2019م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق