بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3952)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
نحن سكان مدينة غريان من قبيلتي الزوية وبني نصير، عندنا مقبرة نريد توسعتها، حيث ضاقت عن الدفن فيها، ولا يوجد مساحة مجاورة لها، وبها جهة قديمة لم يدفن فيها منذ خمسين سنة، فهل يجوز نبش ما بها من قبور وجمعها بحفرة واحدة؟
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالأصل أن القبر حبس على صاحبه، ويحرم نبشه مادام به شيء من عظامه، إلا إذا وجدت ضرورة لذلك؛ قال الزرقاني رحمه الله: “(وَلاَ يُنْبَشُ) أَيْ يَحْرُمُ (مَا دَامَ) أَي ظنَّ دَوَامَ شَيْءٍ مِنْ عِظَامِهِ غَيْرَ عَجْبِ الذَنَبِ لِصِغَرِهِ (بِهِ)” [شرح مختصر خليل:2/200]، إلا إذا تبين أن العظام قد بليت في هذه المقبرة، وصارت رميمًا، فإنه يجوز ردم هذه المقبرة، والدفن فيها من جديد، أو استعمالها في غير ذلك مما ينتفع به المسلمون، كتوسعة الطريق، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء وبعض علماء المالكية، قال الدردير رحمه الله: “إذَا عُلِمَ أَنَّ الأَرْضَ أَكَلَتْهُ، وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِ، فَإِنَّهُ يُنْبَشُ؛ لَكِنْ لِلدَّفْنِ، أَو اتِّخَاذِ مَحَلِّهَا مَسْجِدًا، لا لِلزَّرْعِ وَالْبِنَاءِ” [الشرح الصغير: 1/578].
عليه؛ فإذا كانت المقبرة قديمة – كما ذكر في السؤال – ولم يدفن فيها مند خمسين سنة، وتبين أن عظام الموتى فيها قد بَليت، وأكلها التراب؛ فيجوز حينئذ نقل ما فيها أو ردمها، وإعادة استعمالها من جديد للدفن فيها، والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
عبد الدائم بن سليم الشوماني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
25/ذو الحجة/1440هـ
26/08/2019م