التعدي على نصيب الورثة بقسمة قانونية غير شرعية
وجوب قسمة التركة حسب الفريضة الشرعية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4855)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
توفي رجل في أمريكا، ويتم تقسيم أملاكه حسب القانون الأمريكي، بصورة مخالفة للفريضة الشرعية الصادرة من المحكمة الليبية، وهناك نساء سيتحصلن على حصة من الميراث، مع أنهن لسن من الورثة، فما هي مسؤولية زوج المرأة التي أخذت شيئا من الميراث بغير حق؟ وكذلك الأخ أو الابن الذي أخذت أخته أو أمه شيئا بمقتضى القانون المخالف للشرع؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فقد تولى الله سبحانه وتعالى قسمة التركات، ولم يكِلْها إلى أحد من العالمين، قال سبحانه: ﴿لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنۡهُ أَوۡ كَثُرَۚ نَصِيبٗا مَّفۡرُوضٗا﴾ [النساء:7]، ومالُ التركة ينتقلُ بمجرد موت المورّث إلى ملكِ الوارث جبرًا، فلا يملك أحدٌ منعه منه، وإذا استولى قريب غير وارثٍ على جزءٍ من التركة فهو آثمٌ، متعدٍّ على حقّ الورثة، ولو مكنه القانون من ذلك، وتلزمه التوبة، وإعطاء المحروم من الورثة نصيبه من الميراث؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ، طُوِّقَهُ فِي سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [مسلم:138]، وعلى الزوج الذي أخذت زوجته ما لا حق لها فيه أن يمنعها من التعدّي على مال الورثة، ويردّه لمستحقّيه؛ وكذلك الأخ والابن الذي أخذت أخته أو أمه شيئا لا حق لها فيه عليه أن يردّه لمستحقيه، ولا يرض بذلك إن كان قادرا وله سلطان على من ذُكِر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) [البخاري: 893]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن بن حسين قدوع
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
05//ذي القعدة//1443هـ
05//06//2022م