طلب فتوى
الفتاوىالمواريث والوصايا

الوصية لوارث باطلة

لا وصية لوارث

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5011)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

توفي والدنا، وتركَ مبلغًا من المال بالمصرفِ، لم يُقتسم إلى أنْ توفيتِ الوالدة، وذلك منذ أربع سنوات، وتركتْ ذهبًا، ويريدُ أخواتُنا البناتُ أن يختصِصْنَ بالذهب؛ لأنّ الوالدةَ كانت تخبرهنَّ بأن الذهب مِن حقهنَّ، فرأى باقي الورثة أن يخصوهنَّ بجزءٍ منه، فما حكم ذلك؟ وهل تجب الزكاة في المال والذهب على السنوات الماضية؟

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فجميع ما تركه الميت؛ مما لَه قيمة مالية، ودخل في ملك المورِّث قبل وفاته، داخلٌ في جملة التركة، يقسمُ على الورثةِ، حسب الفريضةِ الشرعية، ووصية الوالدةِ أن الذهبَ للبنات، دون باقي الورثة، -إن ثبتت- غير جائزة؛ لأنها وصيةٌ لوارثٍ، إلّا إذا أجازها جميع الورثة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ أَعْطَى لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) [أبوداود:2870]، زادَ الدارقطني رحمه الله: (إِلّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ) [سنن الدارقطني:89]، وقال مالك رحمه الله: “السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ عِنْدَنَا الَّتِي لاَ اخْتِلَافَ فِيهَا؛ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ وَصِيِّةٌ لِوَارِثٍ، إِلَّا أَنْ يُجِيزَ لَهُ ذَلِكَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ”[الموطأ: 503].

وأما الزكاة؛ فإنها تجبُ في العين الموروثة إذا قبضَها الورثة، ولو لم يقوموا بقسمتها، قال عليش رحمه الله: “وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعَيْنَ الْمَوْرُوثَةَ فَائِدَةٌ يَسْتَقْبِلُ الْوَارِثُ بِهَا حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهَا… فَالْمُعْتَبَرُ فِي الْوُجُوبِ الْقَبْضُ، وَلَا يُعْتَبَرُ الْقَسْمُ… وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ شُرَكَاءُ فَمَتَى قَبَضُوهَا اسْتَقْبَلُوا بِهَا حَوْلًا وَلَوْ لَمْ يَقْسِمُوا” [منح الجليل: 45/2].

وببقاء النقود والذهب تحت أيدي الورثةِ، وتمكنهم مِن التصرف فيها، يعتبرونَ قابضينَ لها، فلا تُخرجُ من مجموع النقود والذهب، وإنما يزكي كلُّ وارثٍ نصيبَه من كاملِ التركة، النقود والذهب إن بلغ نصيبه نصابًا بنفسه، أو مع غيرِه من أموالِه الأخرى، ومن لم يحصل له في حصته نصاب فلا زكاة عليه، قال البرادعي رحمه الله: “قَالَ مَالِكٌ: وَالشُّرَكَاءُ فِي كُلِّ حَبٍّ يُزَكَّى أَوْ تَمْرٍ أَوْ عِنَبٍ أَوْ وَرِقٍ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ مَاشِيَةٍ فَلَيْسَ عَلَى مَنْ لَمْ تَبْلُغْ حِصَّتُهُ مِنْهُمْ مِقْدَارَ الزَّكَاةِ زَكَاةٌ” [تهذيب المدونة: 475/1].

عليه؛ فالوصية المذكورة وإن ثبتت فإنها لا تصحُّ، وتكون موقوفةً على إجازة الورثةِ، فإن أجازُوها أو جزءًا منها مضَى ما اتفقوا عليه، وكان ذلك ابتداء عطيةٍ منهم، فما فعله الورثة من إعطاء البنات بعضا من الذهب هو صحيح جائز، ما دام أنهم اتفقوا على ذلك، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشّريف

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

29//ربيع الأول//1444هـ

25//10//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق