طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوىالنكاح

ما حكم منع أهل الزوجة الزوج من الدخول بزوجته وطلب الطلاق؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5012)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

عقدتُ قِراني منذ سنةٍ تقريبًا، وقبل العرسِ بأيام اتصلَ بي أهلُ الزوجةِ، وطلبُوا إلغاءَ الزواج؛ لرغبةِ ابنتهم في الطلاقِ، فما الحكم الشرعي في ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإذا عقد الزوجُ على زوجتهِ ودفعَ لها الصداقَ المعجّل، فلا يجوزُ لها الامتناعُ من الدخولِ إذا طلبَه الزوجُ، بعد تجهيزهَا نفسَها بالمعتاد الموافق لحالة الزوجين غنًى وفقرًا، قال الخرشي رحمه الله: “فَإِنْ دَفَعَ الزَّوْجُ مَا حَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ وَكَانَتْ الزَّوْجَةُ مُطِيقَةً لِلْوَطْءِ وَالزَّوْجُ بَالِغٌ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ تُجْبَرُ لَهُ عَلَى أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا” [شرح الخرشي: 258/3].

ولا يجوز للمرأةِ أن تطلب الطلاقَ من زوجها مِن غير سببٍ مشروع؛ لقولِ النبي صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا امرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الجَنّةِ) [أبوداود:2226].

وللزوجِ أن يمتنعَ من إيقاعِ الطلاقِ إذا طلبهُ أهلُ الزوجةِ، وله أن يشترط للتطليق أن تدفع له المرأة مالا أو تتنازل عن مهرها المؤجل أو غيرِ ذلك من حقوقها، ويعدّ هذا الطلاقُ خلعًا لوقوعِهِ في نظيرِ عوضٍ، قال ابن يونس رحمه الله فِي خُلعِ غَيرِ المَدخولِ بِها: “قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ‌فَلَا ‌جُنَاحَ ‌عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة:229] فَعمَّ، فَسَواءٌ كَانتِ الزَّوجةُ مَدخولاً بِهَا أَوْ غَيرَ مَدخُولٍ بِهَا، فَإِنَّهُ يَحلُّ لِلزّوجِ مَا أَخَذَ مِنْهَا إِذَا كَانَتِ الإِسَاءَةُ مِنْ قِبَلِهَا” [الجامع: 480/9].

ولا يُشترطُ في العوضِ الذي يطلبه الزوج مقابل الطلاق قدرٌ معَينٌ، فيحقّ له أن يشترطَ عليهم أن يردُّوا له جميعَ ما دفعه للزوجةِ، وله أن يشترطَ أقلّ من ذلك أو أكثر، قال ابن رشد رحمه الله: “وَيَجوزُ ‌الخُلعُ عَلَى مَا أَعْطَاهَا وَعَلَى ‌َأكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَأَقَلَّ مِنْهُ؛ لِقَوْلِ اللهِ عز وجل: ﴿‌فَلَا ‌جُنَاحَ ‌عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: 229]” [المقدمات: 561/1].

عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر في السؤال، فلا يجوز لأهل الزوجة أن يمنعوا الزوج من الدخول بزوجته، بل الواجبُ عليهم تمكينُهُ منه، وإذا أرادُوا الطلاقَ؛ فللزوجِ أن يشترطَ عليهم أن يدفعُوا له التكاليف التي أنفقها في هذا الزواجِ إن شاء، أو أقلّ من ذلكَ أو أكثرَ، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

29//ربيع الأول//1444هـ

25//10//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق