ما حكم المفقود في بلاد المسلمين من ناحية الميراث؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5021)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أُخِذَ والدي م ع -وهو من مواليد 1950م- للمشاركةِ في حربِ تشاد، عام 1987م، ولم نعلمْ بخبرهِ منذ ذلك التاريخ، وفي سنة 2001م أصدرتِ اللجنةُ العامة المؤقتة للدفاعِ قرارًا بإثباتِ موته، اعتبارًا من تاريخ فقدِهِ؛ بناءً على مطالبة الأهالي بإصدار قرارٍ في حق المفقودين، وقد توفي جدي (ع) عام 1990م، فهل يرثُ والدِي من أبيهِ، أمْ لا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ مَن خرج مع الجيشِ، ولم تشهد البينة بأنه شارك في المعركةِ، يُعدُّ كالمفقوِد في بلادِ المسلمين، قال التسولي: “وَأما إِذا لم تشهد الْبَيِّنَة بمعاينته فِي المعترك، بل شهِدت بِأَنَّهُ خرج مَعَ الْجَيْش فَقَط فَلَا يكونُ حكمُه مَا تقدمَ، بل حُكمه حكمُ الْمَفْقُود بِأَرْض الْإِسْلَام فِي غير حَرْب” [البهجة شرح التحفة: 641/1].
وحكم المفقود في بلاد المسلمين أنْ يوقفَ نصيبُه من الميراثِ، حتّى يتبيَن حالُه، أو تمضي مدةُ التعمير، وهي سبعونَ سنة، فإن مضتْ ولم يتبين حالهُ، رُفِع أمره إلى القاضي ليحكم بالموت، ثم قُسمَ نصيبُه على ورثة الميتِ يوم وفاتِهِ، على حسب الفريضة الشرعية، قال ابن سلمون: “وَإِذَا مَاتَ أَحَدٌ مِمَّنْ يَرِثُهُ الْمَفْقُودُ وُقِفَ مِيرَاثُهُ مِنْهُ فَإِذَا انْقَضَى أَجَلُ تَعْمِيرِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَيَاةٌ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ رُدَّ مَا كَانَ وُقِفَ إلَى وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى” [فتح العلي المالك: 377/2].
وعليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فإنّ (م ع) قد تجاوزَ مدة التعمير ببلوغه سبعينَ سنةً عام 2020م، فلا يرثُ من والدِه (ع)، وعلى الورثة رفعُ دعوى إلى القضاءِ بطلبِ الحكم بوفاةِ المفقود، وبعد الحكم بوفاتهِ توزّعُ تركة (ع) على ورثتهِ، الذين كانوا أحياء يوم وفاته، عام 1990م، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
11//ربيع الآخر//1444هـ
06//11//2022م