طلب فتوى
الآداب والأخلاق والرقائقالعقيدةالفتاوى

ملاحظات على كتب التربية الوطنية، المقررة على السنوات الدراسية الثلاث بمرحلة التعليم الثانوي.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5020)

 

السيد المحترم/عميد بلدية م.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة، وبعد:

فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة طلب مراجعة بعض الملاحظات على كتب التربية الوطنية، المقررة على السنوات الدراسية الثلاث بمرحلة التعليم الثانوي، والسؤال عن رأي الشرع فيها وإفادتكم به.

فالجواب كالتالي:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فبعد الاطلاع على الملاحظات التي وردتْ على كتب التربية الوطنية، المقررة على المرحلة الثانوية، تبينَ أن  المقررَ اعتمد غالبًا على مواثيق الأمم المتحدةِ، وكل ما انبثق منها، دونَ الرجوع إلى نصوصِ الشريعة الإسلامية، وهذا يغرسُ في ذهن الطالبِ أن المرجعيةَ الوحيدةَ في تعامل الناسِ في حياتهم الاجتماعيةِ والاقتصادية والسياسيةِ، هي تلك المواثيقُ، التي تنادي في بعضِ موادها بالتحررِ والانسلاخِ مِن الدين والفضيلة، وفي ديننا الإسلاميِّ وتعالميه مَا يعالج كلَّ الأمور التي يحتاجها المجتمعُ، دون الاعتمادِ على تلك المواثيقِ، والله سبحانه وتعالى يقول: (‌الْيَوْمَ ‌أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [المائدة:107].

ومما جاء في منهج السنة الثالثة مِن اعتماد هذه المرجعيةِ، في الصفحة (24)، ضمن النشاطاتِ المطلوبة من الطلبة: (تأسيس منظمة محلية مساندة لجهود هيئة الأمم المتحدة للمرأة)، ومن المعلوم أن هذه الهيئة تدعم في اتفاقياتها الجهودَ التي تدعو إلى انفلاتِ المرأةِ بدعوى الحرياتِ، وقد أصدرت لذلك اتفاقية (سيداو)، المخالفة لقطعيّاتِ الشريعةِ الإسلامية فيما يتعلقُ بالأسرةِ، حيث تطالبُ بالتسوية الكاملة بين الرجلِ والمرأةِ، وتدعو إلى القضاء على ما يسمونه العنف ضدّ المرأة، القائمِ على الجنسِ، فتعدّ كلّ تقييدٍ أو تفريقٍ بين الرّجلِ والمرأة، على أنهما رجلٌ أو امرأة، نوعًا من أنواع التمييزِ المحْظور، ومثل هذه النشاطات تعتبر تشجيعًا لهذه المنظمات، ودعمًا لموقفها، وهذا من التعاون على الإثم، ونشر الباطل، والله سبحانه تعالى يقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:2].

ومما جاء في منهج السنة الثانية في الصفحة (10)، قولهم: “لكل شخص الحقُّ في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق اعتناق الآراء دون تدخل، واستقصاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت، دون تقيد بالحدود الجغرافية…”، وفي الصفحة (21): “لكلِّ فرد حقّ في حرية التنقل وفي اختيار محل إقامته داخل حدود الدولة ولكل فرد حق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده وفي العودة إلى بلده…”، مع إرفاق صور للكنيسة والصليب عند ذكر هذا الكلام،  وذِكْرُ مثل هذه المواد دون الرجوع إلى ضوابط الشريعة، في مفهوم حرية الرأي والتعبير؛ يجعل لكل أحد حق الرأي في اعتناق ما شاء من الأفكار والآراء، ولو كانت مصادمة لقطعيات الشريعة الإسلامية، بل تفتح الباب لاعتناق ما شاء من الأديان، وإرفاقُ صور للكنيسة والصليب عند الكلام على حرية الرأي والتنقل والسفر، هو من الدعاية والترويج للتنصّر والردة عن دين الإسلام، والله عز وجل يقول: (‌وَمَنْ ‌يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران: 85]، وأيضًا فإن ما ذُكِر من حرية التنقل لكل ِشخص، دون التفريق بين الرجل والمرأة، يفتح باب سفر المرأة ولو لم تكن غير مضطرة إلى السفر، أو كانت غير آمنة على نفسها دون محرَم، وهذا حرام بالاتفاق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَحِلّ لِامْرَأَةٍ تُؤمِنُ بِاللهِ وَالْيَومِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ إِلاّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ) [مسلم:1339].

ومما جاء في منهج السنة الأولى الصفحة (6)، ترسيخًا في ذهنِ الطالبِ لفكرة تقبل التبرج وحرية اللباس، غير المنضبطة بتعاليم الشريعة الإسلامية، وترسيخًا للاتفاقيات المشار إليها؛ ما جاء به الكتاب مِن مثالٍ لرجلٍ يقوم بدور الحضانة في البيتِ، وهو يشاهد زوجته تعملُ كمقدمة برنامج في الإذاعةِ بدون حجاب، وكذلك كثرةُ صور النساء المتبرجات.

عليه؛ فيجب على وزارة التعليم والجهات المسؤولة ومكاتب التفتيشِ، منع تدريس هذه الكتب الْمُعَنونة بالتربية الوطنية، حتى يُعادَ النظر في مواضيعها المقررة، وتغييرها بما يناسب تعاليم ديننا الإسلامي وأخلاقه، وقيم المجتمع المسلم، وليُحذر من التهاون في مثل هذه الأمور؛ لأنّ التهاون في مثل هذا دعوة إلى الانحراف وإلى إخراج جيلٍ بعيدٍ عن دينه وعقيدته وأخلاقهِ، التي هي سببُ عزته في الدنيا والآخرة، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

عبد العالي بن امحمد الجمل

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

11//ربيع الآخر//1444هـ

06//11//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق