بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5027)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
وضعتُ سيارتي في ورشة لتصليحِها، وتم الكشف عليها وتحديدُ العطل، فطلبُوا مني مبلغًا لشراءِ قطع الغيار، وقالوا: أجرةُ اليد العاملة لإصلاح العطل المتبين بالكشف (1000) د.ل، وبعد مضيِّ أربعة أشهرٍ، مضتْ في تجريبِ قطع الغيار، لم يتمكنوا من إصلاحها، وتبين أن عطلَ السيارة في غير ما ظهر في الكشفِ أولًا، فاتفقتُ معهم على فسخ الإجارة ونقل السيارة إلى ورشة أخرى، والسيارة لا تزال على حالتها الأولى، دون تحصيل أي فائدةٍ من عملهم، والآن يطالبونني بأجرة اليد العاملة، فهل يلزمني دفعها لهم، أم لا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنَّ الإجارةَ من العقود اللازمة، قال الباجي رحمه الله: “عَقْدُ الْإِجَارَةِ لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخُهُ…” [المنتقى: 114/5]، فإذا تعاقدَ اثنان عقد إجارة؛ لزمهما الوفاء به، ولم يجز لواحدٍ منهما فسخُ العقد دون رضَا الآخر، واستحقاقُ الأجرة يكون بعد تمام العملِ المتفقِ عليه، فإنْ طرأَ مانعٌ من إكمال العمل، وقد أنجزَ الأجير بعضه؛ استحقَّ من الأجرة بقدر عمله، فإن لم ينجزْ شيئًا من العمل استفاد منه الطرف الثاني؛ لم يستحقَّ الأجير شيئًا من الأجرة، قال التسولي شارحًا نظم ابن عاصم رحمهما الله: “(وَلِلْأَجِيرِ أُجْرَةٌ مُكَمَّلَهْ *** إِنْ تَمَّ) عَمَلُهُ، كَانَ صَانِعاً أَوْ رَاعِياً أَوْ غَيْرَهُمَا، (أَوْ) لَهُ مِنَ الْأُجْرَةِ إِنْ عَاقَهُ عَائِقٌ عَنِ الْإِتْمَامِ كَمَرَضٍ وَنَحْوِهِ (بِقَدْرِ مَا قَدْ عَمِلَهْ)، أَيْ: بِقَدْرِ عَمَلِهِ… وَهَذَا إِنْ لَمْ يَزَل الْعَائِقُ حَتَّى تَمَّت الْمُدَّةُ فِي الرِّعَايَةِ وَنَحْوِهَا، أَوْ تَرَاضَيَا عَلَى عَدَمِ الْإِتْمَامِ، وَإلَّا أُجْبِرَ عَلَى الْإِتْمَامِ مَنْ أَبَاهُ”[البهجة شرح التحفة: 300/2].
وعليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فإنّ اتفاقَ صاحبِ السيارة مع صاحبِ الورشة على الفسخِ، ونقل السيارةِ إلى ورشةٍ أخرى جائزٌ شرعًا، وحيث إن صاحب السيارة لم ينتفع من عمل الأجير الأوّل فلا حق له في المطالبة بشيء من الأجرة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عصام بن علي الخمري
عبد العالي بن امحمد الجمل
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
20//ربيع الآخر//1444هـ
15//11//2022م