بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5063)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
تنازل الحاج ع عن قطعة أرض في حياته، لأبنائه وبناته وزوجتهِ، وقسَّم لكلٍّ القدرَ الذي ينوبه من مساحة الأرض، واشترطَ عدم التّصرّف فيها حال حياته، وقد توفيت زوجتهُ قبله، ولم ينتفع أحدٌ منهم بنصيبه حتى مات الأب، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالتنازلُ المذكور مِن قبيل الهبة، وشرط تمام الهبة أن يحوزَها الموهوب له في حياة الواهبِ وصحته، ويتصرّفَ فيها تصرفَ المالك في ملكه، قال ابن أبي زيد رحمه الله: “وَلاَ تَتِمُّ هِبَةٌ وَلاَ صَدَقَةٌ وَلاَ حُبُسٌ إِلاَّ بِالْحِيَازَةِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ فَهْيَ مِيرَاثٌ” [الرسالة: 117]، وأمّا شرطُ عدم التصرفِ في الهبة حال حياةِ الواهبِ فباطلٌ لا يعمل به؛ لأن القصد منه عدم البيع أو القسمة حالَ حياته، كما يعلم من قرائن الأحوالِ وعادة الناس، ولا يؤثر هذا الشرطُ في صحة الهبة، على أحد الأقوال في مسألة شرط الواهب عدمَ البيع والهبة حالَ حياته، قال الحطاب رحمه الله: “وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ هِبَةً، أَوْ تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِصَدَقَةٍ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَبِيعُ وَلاَ يَهَبُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ… وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ وَالْهِبَةَ جَائِزَةٌ” [تحرير الكلام في مسائل الالتزام: 402].
عليه؛ فمادام أن الموهوب لهم لم يتصرفْوا فيما وهبَ لهم من الأرض، بأي وجهٍ من وجوه الانتفاعِ؛ بغرس أو بناء ونحوه، حتى ماتَ الواهبُ، فالتنازل المذكور يكون باطلًا لعدم الحيازة لا للشرط الذي ذكره الواهب، وبذلك ترجع الأرض ميراثًا لجميع ورثة الواهبِ الأحياء يومَ وفاته، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
08//جمادى الآخرة//1444هـ
01//01//2023م