بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5154)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
وقعتْ مغارسةٌ سنة 1962م، في قطعةِ أرضٍ تبلغُ مساحتها 3 هكتاراتٍ تقريبًا، بينَ كلٍّ مِن: الحاج م وأخيه الحاج ق أصحاب الأرض، وبين الحاج ع، وقد قام الطرفُ الثاني بغرس الأرضِ الصالحةِ للزراعة، وبنى على الأرضِ الحجريةِ جهة مقلب الماء منزلًا له، بإذن الطرف الأول، بحيث صار يُعرف أنه له، ثمّ بنى لأبنائه بعد ذلك، فهل تقسم الأرض كلها حسبَ حدودها المبينة في وثيقة التفاهمِ، أم إنّ الجزء الذي لم يطلهُ الغرس وبنى عليه الطرف الثاني يبقَى لأصحابِ الأرضِ؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن كان الحال كما ذكر، وكان الغرسُ في جزء من الأرض فقط، وباقي الأرض خالية، فالأصل أن يقسمَ القدرُ المغروسُ منها فقط، والباقي كلّه على ملك صاحبِ الأرض لا تدخلُه القسمة، قال عليش رحمه الله: “اعْلَمْ أَنَّ الْأَرْضَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ، الْأَوَّلُ: الْمَوْضِعُ الْمَغْرُوسُ فِيهِ الشَّجَرُ وَدُخُولُهُ فِيهَا شَرْطُ صِحَّةٍ. الثَّانِي: الْأَرْضُ الَّتِي بَيْنَ الشَّجَرِ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، فَلِلْعَامِلِ جُزْؤُهُ مِنْهُ مَعَ بَقَاءِ الشَّجَرِ وَبَعْدَ فنَائِهِ، إلَّا إذَا اسْتَثْنَاهَا رَبُّهَا حِينَ الْعَقْدِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ شَيْئًا مِنْهَا. الثَّالِثُ: الْأَرْضُ الْبَعِيدَةُ عَنْ الْغَرْسِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ شَيْئًا مِنْهَا أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِهَا رَبُّهَا” [منح الجليل:419/7].
عليه؛ فإن ورثة الغارس يستحقون في الجزء الذي غُرس من الأرض، وأما الجزء غير المغروس فيستحقون منه البقعة التي بنى عليها الغارس فقط بإذن أصحاب الأرض؛ قال الزرقاني رحمه الله: “بِخِلَاف قَوْلِهِ لِأَجْنَبِيٍّ ابنِ هِذِهِ العَرْصَةَ دَارًا فَبَنَاهَا وَصَارَ يَقولُ هَذِهِ دَارُ فُلَانٍ فَهِبَةٌ” [شرح خليل:175/7].
وأما ما بناه لأبنائه من بعده فإن كان بإذن أصحاب الأرض فهو هبة كذلك؛ وإن كان بغير إذنٍ تعدّيا منه، فلهم قيمة البناء منقوضا، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
28//شعبان//1444هـ
20//03//2023م