طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

هل يقع طلاق المسحور؟

هل يقع طلاق المريض النفسي؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5113)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

حصلتْ مشاحنةٌ بيني وبين زوجتي في سنة 2018م، وكانت تريد الذهاب لبيت خالتها ذلك اليوم، فقلت لها (عليّ الطلاق ماك ماشية) وكنت قاصدا عدم ذهابها في ذلك اليوم فقط، ولم تخرجْ، وفي سنة 2019م تقريبًا طلقتُها وقد كنتُ في حالة سُكرٍ، ولم أكن واعيا بنفسي ولم أعلم أني تلفظت بالطلاق، وفي سنة 2021م كنت مريضا بمرض نفسي وطلقتُها دون أن أكون واعيا بذلك أيضا، فهل يجوزُ لي إرجاعها؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالطلاق المعلّق على شيء، كالخروج من المنزل ونحوه، لا يقعُ إلَّا إذا وقع المعلَّق عليه، فقد جاء عن نافع رحمه الله أنه قال: “طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: إِنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ” [البخاري: 45/7].

وأما طلاق السكران، فإن كان حين وقوع الطلاقِ لا يعي شيئًا، ولم يعرفْ أنه قد صدر منه طلاقٌ؛ فلا يلزمهُ الطلاق لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ؛ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ) [أبو داود: 4405]، وقال الدردير رحمه الله: “إِلاَّ أَن لاَّ يُمَيِّزَ، فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمَجْنُونِ” [الشرح الكبير: 365/2].

وأما التلفظ بالطلاق حال إصابة الزوج بمرض عقلي، فالطلاقُ واقعٌ إذا كان المطلِّقُ يعِي ما يقول، ويقصدُ ما تكلمَ به؛ لأن العقلَ هو مناطُ التكليفِ والمؤاخذةِ بالأقوالِ والأفعال، فإن لم يكن عالما بما صدر منه فلا يلزمه طلاق.

عليه؛ فلا يلزم الزوج طلاقٌ، وزوجته باقية في عصمته؛ لأن الطلاقَ في المرة الأولى معلّقٌ على خروج زوجتهِ من المنزلِ، في ذلك اليوم حسب ما جاء في سؤاله، وهي لم تخرجْ، وفي المرة الثانية تلفّظَ بالطلاق حال غيابِ عقله بسببِ السّكر، فلا يلزمه الطلاقُ أيضًا، ولكنه آثمٌ مستوجبٌ لغضبِ اللهِ، بارتكابه كبيرةً من كبائرِ الذنوب، وهي إدخالُ السُّكر على نفسه، الذي بسببه أوقعَ الطلاق على زوجته، فعليهِ أن يتوبَ من هذهِ الكبيرة، ولا يجعلَ عدم وقوع الطلاق عليه تسهيلًا له، بأن يعودَ إلى السُّكرِ مرةً أخرى، حيث لم يقعْ طلاقُهُ هذه المرة، وكذلك طلاقه في المرة الثالثة لم يقع؛ لأنه ذكر عدم وعيهِ حين التلفظ بالطلاق، وليعلمِ الزوجُ أنّ وقوعَ الطلاق عليه من عدمهِ في المرتين الأخيرتين، متوقفٌ على صدقِ ما أخبرَ به، مِن عدمِ إدراكه لما وقعَ منه مِن التلفظِ بالطلاقِ حين وقوعه، أمَّا إن كان مدركًا لما وقَع منه من الطلاقِ؛ فإنّ هذه الفتوى لا تفيدُه؛ لأنها بُنيتْ على إخباره بعدمِ إدراكه، فإذا كانَ الواقعُ غيرَ ذلك، وكان مدركًا؛ فالطلاقُ لازمٌ له، والفتوَى لا تصلحُ له، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

22//رجب//1444هـ

13//02//2023م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق