بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5079)
السيد المحترم/ الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء والمفقودين والمبتورين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة لطلب فتوى شرعية في واقعة وفاة (م)، من حيث توفرُ شروطِ الشهادة عليه مِن عدمها، وقد توفيَ في حادثِ سير، أثناء تأديتهِ لمهام عمله في الثورة، عام 2011م.
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإنّ ما يسمّى في قوانين الدول -ومنها ليبيا- بشهيدِ الواجب، وهو الذي يموتُ بحادثٍ ونحو ذلكَ في أثناءِ الوظيفةِ التي يؤدّيها للدولة، هذا بالمصطلحِ الشرعي لا يسمَّى شهيدًا، وليس له حقوقُ الشهيدِ المقتولِ في سبيلِ الله تعالى؛ لأنَّ الشهيدَ بالمصطلح الشرعيّ هو مَن قاتلَ أعداء المسلمينَ مِن الكفّار والبغاةِ لإعلاءِ كلمةِ الله تعالى، سواء قُتلَ في المواجهة للعدوِّ، أو قُتل وهو يمدّ المجاهدينَ بما لا غِنى لهم عنهُ؛ مثل السلاحِ والعتادِ والدواءِ والعلاج ونحو ذلكَ، في ميدانِ القتال، فإن كان المسؤولُ عنه ماتَ على هذه الصفةِ، فهو شهيدٌ بالمصطلحِ الشرعي، وله حقوقُ الشهيد، وإن كانَ قُتل في أثناء أداءِ وظيفتِه في الدولة، فهذا لا يسمًّى شهيدًا، وإذا كانت قوانينُ الدولة تسمحُ بأنْ يعطَى مَن قُتل على هذا النحْوِ – في حادثٍ ونحو ذلكَ أثناءَ أداءِ وظيفتِه – بعضَ المزايَا، فلها ذلكَ، وعلى الدولةِ أنْ تنصَّ على ذلكَ في قوانينها، وهو غيرُ ممنوعٍ إذا فعلَتْه، لكن لا يجوزُ أنْ نعمّمَ كلمةَ الشهيدِ عليه، ولا يُعطَى الحقوقَ التي جُعلتْ لمن قُتلَ في سبيلِ الله تعالى، فالمقتولُ أثناء أداءِ الواجبِ يحتاجُ إلى نصوصٍ في القوانينِ فيما يُعطاهُ، تخصّهُ هو، ولا يجوزُ أن نطلقَ عليه اسمَ الشهيدِ، وما دامَ الأمرُ كذلكَ، فلا محلّ لِأنْ يُسألَ عنه من الناحية الشرعيةِ؛ هل نعطيهِ ما يستحقُّه الشهيدُ، أم لا؟ بل يُسألُ عنه في القوانينِ المعمولِ بها، فيعطَى مِن الحقوقِ ما جعله له القانونُ، ولا يلتبسُ أمرهُ بأمرِ الشهيدِ المقتولِ في سبيلِ الله، فلا علاقةَ بينَ الأمرينِ، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
16//جمادى الآخرة//1444هـ
09//01//2023م