بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5108)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
ما حكمُ إرسال الزكاة من ليبيا أو غيرها من البلادِ، إلى المنكوبين جراء الزلزالِ، الذي أصاب الشمال السوري، ولا يخفى على أحدٍ ما حلَّ بهم، وكذلك تقديمها عن حولها؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فالأصل في صرف الزكاة أن يكون في البلد الذي وجبت فيه الزكاة؛ لقول رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ رضي الله عنه حِينَ بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ: (فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ) [البخاري: 1496، ومسلم: 19]، إلَّا إذا كانَ الناسُ في البلد البعيدِ أشد حاجةً وفقرًا، فيندبُ نقلها إليهم إيثارًا للمضطر، وأهلُنا في الشمال السوريِّ أصابهم من البلاء والشّدّة إثر الزلزال المدمرِ، ما يوجبُ على المسلمين جميعًا الوقوفَ معهم، ودفعَ الضررِ عنهم، فهم بحاجة إلى عونِ إخوانهم المسلمينَ، في كلّ مكان من البلاد الإسلامية، قال القرطبي رحمه الله: “قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا: وَإِنْ نُقِلَ بَعْضُهَا لِضَرُورَةٍ رَأَيْتُهُ صَوَابًا. وَرُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ قَالَ: وَلَوْ بَلَغَ الْإِمَامَ أَنَّ بِبَعْضِ الْبِلَادِ حَاجَةً شَدِيدَةً جَازَ لَهُ نَقْلُ بَعْضِ الصَّدَقَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ لِغَيْرِهِ إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْحَاجَةَ إِذَا نَزَلَتْ وَجَبَ تَقْدِيمُهَا عَلَى مَنْ لَيْسَ بِمُحْتَاجٍ (وَالْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يُسْلِمُهُ وَلَا يَظْلِمُهُ)” [الجامع لأحكام القرآن: 175/8]، وجمهور العلماء على جواز تقديم الزكاة قبل وقتها؛ لحديث العَبَّاس رضي الله عنه: (أنَّه سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَعْجِيلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ، فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ) [الترمذي: 678]، وروي مرسلًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّا كُنَّا احْتَجْنَا فَاسْتَسْلَفْنَا الْعَبَّاسَ صَدَقَةَ عَامَيْنِ) [البيهقي في السنن الكبرى: 7617]، ولا شكَّ أنّ الناس في هذه النازلة التي حلّت بالبلاد الشامية، أحوجُ ما يكونون للمعونةِ، بالزكاة وغيرها؛ سدًّا للفاقة الحاصلة اليوم في دعمِ المنكوبين.
عليه؛ فيجوز إخراج الزكاة قبل الحولِ، وإرسالها للمنكوبين في سوريا، مع العلم بأن من شروط الصحة في صرف الزكاة أن تصرف للمسلم لا لغيره، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
22//رجب//1444هـ
13//02//2023م