بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5128)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
قلت لزوجتي: أنت حرام عليّ كظهر أمي، وكنت ناويًا للطلاق، فهل يعتبر طلاقًا أم لا؟ وإذا لم يكن طلاقًا، ووجبتْ كفارة عن هذا القول، فهل تخرجُ وجباتٍ؟ أم كيف تكون؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فقول الزوج لزوجته: أنت عليّ حرام كظهر أمي، هو من الألفاظ الصريحة في الظهار، واللفظ الصريح في الظهار لا ينصرفُ لغير الظهار، فلو قال الزوج: نويت به الطلاقَ؛ لم يكن طلاقًا، قال الدردير رحمه الله: “(وَلَا يَنْصَرِفُ) صَرِيحُهُ (لِلطَّلَاقِ إنْ نَوَاهُ بِهِ) أَيْ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ بِصَرِيحِ الظِّهَارِ، لِأَنَّ صَرِيحَ كُلِّ بَابٍ لَا يَنْصَرِفُ لِغَيْرِهِ، وَلَا يُؤَاخَذُ بِالطَّلَاقِ مَعَ الظِّهَارِ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا الْقَضَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ” [الشرح الصغير: 638/2].
وإذا ظاهر الرجلُ زوجته فلا يجبُ عليها أن تفارقه، ويجوزُ أن تبقى معه في بيت سكناه، لكن لا يجوز أن يقربها زوجُها، وإذا أرادَ أن يعود إلى فراش زوجته كما كانَ، فعليه أن يكفِّر عن ظهاره قبل ذلك، بصيام شهرين متتابعين إن كان قادرًا على الصيام، لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَظَّهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَنْ يَّتَمَآسَّا فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَنْ يَّتَمَآسَّا﴾ [المجادلة: 3-4]، ولا بد من نيّة التتابع من أول ليلة، وينقطع التتابع إذا أفطر عمدًا من غير عذر، ويفسدُ الصوم وينقطع التتابع أيضا بوطء الزوجة التي ظاهر منها أثناء الصيام، ولو كان الوطءُ ليلا؛ لقول الله تعالى: ﴿مِن قَبْلِ أَنْ يَّتَمَآسَّا﴾ [المجادلة: 4]، وإن كان المظاهِر عاجزًا عن الصيام لا يقدر عليه، فإنه ينتقل إلى إطعام ستين فقيرًا من فقراء المسلمين، بأن يعطي لكل فقير مُدّين من قمح؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ [المجادلة: 4]، ويجوز له أن يُشبع كلّ واحد منهم بوجبتين؛ غذاء وعشاء، من وسطِ الطعام الذي يأكله عياله.
عليه؛ فالواجب على الزوج أن يمتنع عن زوجتهِ، حتى يكفّر عن ظهاره، وإذا كان قادرًا على الصوم فلا ينتقل إلى الإطعام، ويحرم عليه أن يمسَّ زوجته أثناء مدةِ الكفّارة، وإذا فعل فيلزمه أن يبدأ الكفارةَ من جديد، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
13//شعبان//1444هـ
05//03//2023م