حكم تأجير وبيع عقارات معتدى عليها مملوكة للدولة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5129)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

اشترى والدي عام 1994م مبنًى سكنيًّا في حيٍّ شعبي، وبنى محلاتٍ تجارية، فيما يحده من الفضاء العام بمساحة 800م، وقام بتأجيرها طيلةَ السنوات الماضية، علما أن هذه المساحة مخصصة حسب مخطط البلدية كمنطقةٍ خضراء، وقد طالبونا بالإزالة قبل عام 2011م، والآن نريدُ قسمة التركةِ وبيعَ بيتِ العائلة، فما الواجب علينا تجاه هذه المحلاتِ لإبراء ذمة والدي، وما استلمناه من إِيجاراتٍ بعد وفاته؟

فالجواب كالتالي:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فما قام به والدكم من البناء في الفضاء العام خارج حدود ملكهِ، يعدُّ من التعدي على أملاك الدولةِ والاستيلاءِ عليها، وهو محرمٌ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقّهِ، طُوِّقَهُ في سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ القِيَامَةِ) [البخاري: 245]، وعلى من اغتصبَ شيئًا من الدولة أن يردَّه إليها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (عَلَى اليَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ) [الترمذي: 1266]، وحرمة المال العام أعظمُ من حرمة المال الخاص؛ لكثرة الحقوق المتعلقة به، وتعدُّد الذِّمَمِ المالكةِ له.

عليه؛ فلا يجوز لكم الانتفاع بهذه المحلات بأيِّ وجهٍ من الوجوه، والواجبُ عليكم إخلاءُ هذا الفضاء العام، وإرجاعه للدولة؛ لتطبيقِ المخطَّط، ولكم نُقُض بنائكم، وأما ما تقاضيتموه في ما مضى من الإيجارات، فالواجب عليكم – إبراءً لذمة والدكم – تقديرُ ما تقاضاه من الإيجاراتِ تقديرًا دقيقًا، كل مدةٍ بقدرها، والاحتياط في ذلك، وإخراجُ هذا المال مِن تركة أبيكم، وكذا ما استلمتموه بعد وفاته، وإنفاقُه كلَّه في المصالح العامّة، التي تعود على المسلمين كبناء المعاهد العلمية والمراكز الصحية، وطلاب العلم، والمشاريع الخيرية والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

13//شعبان//1444هـ

05//03//2023م