طلب فتوى
الصلاةالعباداتالفتاوى

حكم قراءة البسملة قبل الفاتحة في الصلاة عند المالكية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5130)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

هل قراءة البسملة قبل الفاتحة في الصلاة عند المالكية فرضٌ؟ وإذا كانت فرضًا؛ فكيف يُوَجَّه حديثُ أنسٍ رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانوا يفتتحون الصلاة بـ(الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ)، وعند مسلم: لا يَذْكُرُونَ (بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم) في أول قراءة، ولا في آخرها؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالبسملة قبل الفاتحة في صلاة الفريضةِ مكروهةٌ في مشهور مذهب مالك رحمه الله؛ بناء على أنها ليست آية من الفاتحة؛ لحديث أنس رضي الله عنه: (صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) [مسلم: 399]، قال المازَري رحمه الله: “تَعَلّقَ أَصْحَابُنَا بِهَذَا فِي أَنَّ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرّحِيمِ لَيْسَتْ مِنْ أُمِّ القُرْآنِ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رحمه الله فِي قَوْلِهِ: إِنَّهَا آيَةٌ مِنْ أُمِّ القُرْآنِ” [المُعْلِم: 395/1]؛ ولذلك كره المالكيَّة في المشهور عنهم قراءتها في الفرض دون النفل، قال القَاضِي عياضٌ رحمه الله: “فَمَشْهُورُ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ لَا يَقْرَؤُهَا فِي الفَرَائِضِ، وَأَجَازَ ذَلِكَ فِي النَّوَافِلِ” [إكمال المعلم: 288/2].

ولكن لمّا كان ترك البسملة في الفريضة تبطل به الصلاة عند الشافعية، مالَ قوم من المحققين عند المالكية كالقرافي والمازري رحمهما الله إلى استحبابِ قراءتها؛ خروجًا من الخلاف، قال الدردير رحمه الله: “(وَكُرِهَا) أَيْ الْبَسْمَلَةُ وَالتَّعَوُّذُ (بِفَرْضٍ) قَالَ الْقَرَافِيُّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالْغَزَالِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرُهُمَا: الْوَرَعُ الْبَسْمَلَةُ أَوَّلَ الْفَاتِحَةِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ” [الشرح الكبير: 251/1]، ويقرؤها سرًّا مطلقًا، في الصلاة الجهرية والسرية، قال الدسوقي: “وَيَأْتِي بِهَا سِرًّا وَيُكْرَهُ الْجَهْرُ بِهَا” [حاشية الدسوقي: 251/1].

وقال أبو حفص الميانِشِي رحمه الله: “صَلَّيْتُ خَلْفَ الإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللهِ المَازَرِيِّ، فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ “بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ…)، وَلَمَّا خَلَوْتُ بِهِ، قُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الفَرِيضَةِ كَذَا، فَقَالَ: أَوَقَدْ تَفَطَّنْتَ لِذَلِكَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيْدِي، أَنْتَ اليَوْمَ إِمَامٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَلاَ بُدَّ أَنْ تُخْبِرَنِي! فَقَالَ لِي: اسْمَعْ يَا عُمَرُ، قَوْلٌ وَاحِدٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ، أَنَّ مَنْ قَرَأَ “بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ” فِي الْفَرٍيضَةِ لاَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؛ وَقَوْلٌ وَاحِدٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، أَنَّ مَنْ لَمْ يَقْرَأْ “بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ” بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ فَأَنَا أَفْعَلُ مَا لاَ تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتِي فِي مَذْهَبِ إِمَامِي، وَتَبْطُلُ بِتَرْكِهِ فِي مَذْهَبِ غَيْرِهِ؛ لِكَيْ أَخْرُجَ مِنَ الخِلَافِ، [إيضاح المسالك: 65]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الدائم بن سليم الشوماني

عصام بن علي الخمري

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

13//شعبان//1444هـ

05//03//2023م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق