بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2553)
الإخوة/ جمعية (ع)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
فبالإشارة إلى مراسلتكم المتضمنة سؤالين؛ عن دفع الزكاة لطلبة العلم والمدرسين، وعن الأولويات التي يجب اعتبارها عند دفع الزكاة لمستحقيها، في ظل الظروف الراهنة..
فالجواب كالتالي:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالزكاة لها مصارف معلومة، قد بيَّنها الله تعالى في قوله: )إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ( [التوبة:60]، فإن كان طالب العلم أحد هذه الأصناف؛ كأن يكون فقيرًا متفرغًا للطلب، ليس لديه وظيفة، ولا ما يكفيه من تجارة أو ميراث، أو غير ذلك، أو كان غارمًا، أو كان غير قادر على الزواج، جاز دفع الزكاة إليه، لا بوصفِه طالب علم؛ لأن كونه طالبا ليس وصفًا موجبًا لاستحقاق الزكاة، فإن كان طالب العلم غنيًّا لم يجز دفع الزكاة إليه، وإنما هو الذي تجب عليه الزكاة في ماله؛ لعموم قوله تعالى: )خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا( [التوبة:103]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (وَلاَ حظَّ فيها لغنِيٍّ ولا لِقَوِيٍ مُكْتَسِبٍ) [أبوداود:1633].
ويُندب للمزكِّي أن يؤثِرَ الأحوج منها بالعطاء، ولو كان صنفا واحدا؛ ففي المدونة: “قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا كُنْتَ تَجِدُ الْأَصْنَافَ كُلَّهَا، الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ، وَكَانَ مِنْهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ هُمْ أَحْوَجُ، آثِرْ أَهْلَ الْحَاجَةِ حَيْثُ كَانَتْ، حَتَّى تَسُدَّ حَاجَتَهُمْ” [المدونة:342/1]، قال خليل رحمه الله: “وندب إيثار المضطر”، قال الدردير رحمه الله شارحًا له: “أي: المحتاج على غيره، بأن يزاد في إعطائه منها” [الشرح الكبير للدردير:498/1]، فيجوز لكم إيثار النازحين والمرضى والعجائز من أصناف الزكاة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
محمد الهادي كريدان
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
30/ذو القعدة/1436هـ
14/سبتمبر/2015م