بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5194)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أوصى السيد ع م ع بتحبيس ثلث مخلفه، الذي منه قطعتَا أرض بمنطقة الشرشارة، تعرف الأولى منهما بالجنانات، والثانية بعرقوب السدرة، وذلك حسب الوثيقة المرفقة، المدونة في عام 1327هـ، وقد شهد اثنان شهادة سماع، على أن كامل قطعتي الأرض المذكورتين حبس، وعلى أن المحبس لا يُعلم مَن يرثه، فهل قطعتا الأرض المذكورتان حبس بالكامل؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالمشهور أن شهادة السماع يعمل بها في الأحباس، ويثبت بها التحبيس، قال البرادعي رحمه الله: “وَالشَّهَادَةُ عَلَى السَّمَاعِ فِي الْأَحْبَاسِ جَائِزَةٌ لِطُولِ زَمَانِهَا، يَشْهَدُونَ أَنَّا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ أَنَّ هَذهِ الدَّارَ حُبُسٌ، تُحَازُ بِحَوْزِ الْأَحْبَاسِ، وَإِن لَمْ يَنْقُلُوا عَنْ بَيِّنَةِ مُعَيَّنِينَ إِلاَّ قَوْلَهُمْ سَمِعْنَا وَبَلَغَنَا، وَلَوْ نَقَلُوا عَنْ قَوْمٍ عُدُولٍ أَشْهَدُوهُمْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعاً، وَكَانَتْ شَهَادةً، قَالَ مَالِكٌ رحمه الله: وَلَيسَ عِنْدَنَا أَحَدٌ مِمَّنْ شَهِدَ عَلَى أَحْبَاسِ الصَّحَابَةِ إِلَّا عَلَى السَّمَاعِ” [التهذيب في اختصار المدونة: 596/3].
عليه؛ فقطعتا الأرض المذكورتان حبس؛ عملًا بالوصيّة في الثّلث وشهادة السّماع، الدّالة على تحبيسِهِمَا مَعًا بِالكَامِلِ، ويجب على جماعة المسلمين بالمنطقة من أهل الخير والصلاح تعيينُ ناظرٍ للوقف، فهي -أي جماعة المسلمين- تقوم مقام القاضي عند فقده حسًّا أو معنًى، ويجعل للناظر أجرة من غلة الوقف، حسب العرف المعمول به في تلك الجهة، وعلى ناظر الوقف بعد تعيينه، أن يقوم باستغلال الأرض واستثمارها؛ ليكونَ لها ريع، يصرفُ في وجوه البر؛ على طلبة القرآن والمعاهد الشرعية والمحتاجين ونحوهم، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
03//ذو القعدة//1444هـ
23//05//2023م