طلب فتوى
Uncategorized

المطالبة بالحقوق عن طريق الاعتصامات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2587)

 

            ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

           ما حكم المطالبة بالحقوق عن طريق الاعتصامات، حيث يعطل العاملون في قطاع من القطاعات العامة العمل كما في اعتصام المدرسين هذه الأيام، ويستعملون ذلك وسيلة للضغط حتى تلبى مطالبهم؟

            الجواب:

            الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

            أما بعد:

            فإن الوقفات الاحتجاجية، وما تعارف الناس عليه بالاعتصامات، من حيث المبدأ حقّ مشروع، وهو من الوسائل العصرية الفعالة في المطالبة بالحقوق ورفع الظلم، ممّا يدخل في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن لابدّ من ضبطه بما لا يؤدي إلى مفسدةٍ أعظم مِن المفسدة التي خرج من أجلها الناس، وأن يكون بالمظهر الحضاري اللائق، فلا يجوز أن تكون الاعتصامات بالاعتداء على الحقوق العامة للناس؛ كالاعتداء على أملاكهم، أو قفل طرقاتهم، أو بتعطيل المؤسسات الخدمية والحيوية، التي لابدّ للناس منها، كقفل المدارس العامة، أو المستشفيات والخدمات الطبية، أو المخابز، أو تعطيل مؤسسات النفط، أو غير ذلك، ممّا لا غنى للناس عنه؛ لأن شرط المطالبة بالحقوق الخاصة عدمُ الإضرار بالحقوق العامة، ولأن شرط دفع المنكر ألَّا يؤدي إلى منكر أعظم منه.

            وقفل المدارس هذه الأيام ضار بالبلد ضررًا بليغا؛ لأنه يمر بظروف بالغة الصعوبة، والأعداء متربصون به، وتعطيل قطاع في أهمية قطاع التعليم في هذا الوقت، قد يستفيد منه العدو المتربص؛ لأنه يفتح على الوطن نيران معركة جديدة، تضاف إلى نيران المعارك العديدة؛ الخارجية والمحلية، للإجهازِ على جسم الدولة، المنهك بقلة المال وكثرة الاختلاف.

            عليه؛ فإن دار الإفتاء، في الوقت الذي تدعو فيه حكومة الإنقاذ إلى النظر في مطالب المدرسين العادلة، برفع مرتباتهم إلى الحد اللائق بمن تربتْ على أيديهم الأجيال، لتدعو في الوقت نفسه المدرسينَ، أن يعودوا إلى مدارسهم، ويتوقفوا عن الإضراب؛ لأنه في الوقت الحاضر ضار بالبلدِ ضررا شديدًا، فلا يكونوا عونًا لأعدائه عليه، فالبلد محتاج مِن أبنائه البررة إلى مزيد من البذل والتكاثف، ومدِّ يد العون؛ قال تعالى: ﴿وَتَعاوَنَوا علَى البرِّ والتقْوى ولَا تَعَاونُوا على الإِثمِ والعدوانِ﴾ [المائدة: 2]، ولم يحِن بعدُ للشرفاءِ وقتُ الراحة وقطف الثمار، فلا زال الوطن يقدم قوافل الشهداء، في الشرقِ وفي الجنوب، وكذا في الغرب، ولا تزالُ تعطَّل عمدًا ثرواتُه وأموالُه؛ لتركيعه وإذلاله، فعلى أبنائه ألَّا يخذلوه، في وقت عزَّ فيه النصير، فاللهَ اللهَ في وطنكم، يا مَن تُربُّون الأجيالَ، ولكم في أعناقِ أمتِكُم حقوقٌ، هي وإن تأخّرت إلى حين، فيَجبُ ألّا تضيّع، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد محمد الكوحة

محمد الهادي كريدان

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

22/ذو الحجة/1436هـ

06/أكتوبر/2015م

 

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق