مطالبة بـحريم”نخلتين، وبئر، وميدة، وجابية، وحمالة”
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2626)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
شخص يطالب الآن بحريم نخلتين وبئر، تقع في ملك غيرِه، علمًا بأن النخلتين سقطتا منذ فترة تزيد على خمسة عشر عامًا، والبئر مردومٌ منذ عشرين سنة، وهو حاضر ويعلم بذلك، ولم يتكلم، ويطالب كذلك بحريم (الميدة، والجابية، والحمالة)، علمًا بأنّ كلّ المذكور – غير النخلتين – يقعُ في طريق عام، حسبَ المخطط العام لمدينة طرابلس، لسنة 2000م، فما حكم ذلك؟ وما مقدار حريم النخلة والبئر والحمالة شرعًا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن كان الواقع ما ذكر في السؤال، فإن حريم الأملاك هو ما كان قريبًا منها، وحريم الشجرة والنخلة ما تكمل به مصلحتها، بحيث لا يتم الانتفاعُ منها إلا بهِ، وقدره ما يحوّط به حولَها لسقيها، ويسمى في العرف (الجدُولة)، فهذا هو ما يصلحُها، ويختلف اتساعه باختلاف عرف الناس، من وقتٍ لآخر، فيستعان بأهل الخبرة، ممن له معرفة بالفلاحة، عندَ الاختلاف على قدرِه، وإذا سقطت النخلة جازَ لصاحبِها غرسُ أخرى مكانها، لكن لا يحقّ له بيعُ أرضها؛ لأنّ حريمها تبعٌ لها، فإذا ذهبت ذهبَ حريمها.
وقد سئل الإمام مالك رحمه الله عن حريم النخلة، فقال: “قدر ما يرى أن فيه مصلحتها، ويترك ما أضر بها” [النوادر والزيادات:25/11]، وهذا الحق في غرس شجرة أخرى مكان الأولى، ليس مقيّدًا بزمن، إلا إذا كان في عرف المنطقة أو القانون تحديدُ ذلك بزمن معين، أو مراتٍ معدودة للغرس، فإذا تجاوزه سقطَ حقُّه في غرس أخرى مكانها، إذا كان حاضرًا، ولم يكن ثمةَ مانعٌ من ذلك، كإكراه وصغرٍ وسفه ونحوه؛ لأنّ المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا.
وحريم البئر هو ما يتصل بها من الأرض، ويشمل (الجابية والمَجَرّ)، ويرجع في تحديده إلى عرف أهلِ المنطقة، وكذلك القول في حريم الحمالة.
وقد جاء في السؤال أن البئر وحريمها قد وقعت في مخطط الطريق العام، وعليه؛ فإن كانت الطريق قد نُفذت من قبل الجهات المختصة بالفعل، وصارتْ جادةً يسلكها الناس، فعلى الشركاء في البئرِ وحريمِها أن يرفعوا أمرهم إلى الجهات المختصة، ويطالبوها بحقهم في التعويض؛ كلٌّ بنسبةِ ما يتملكه مِن الأرض، التي كانت تشربُ من تلكَ البئر، وإن كانت الطريق لم تنفذ بعد، ولا تزال فقط ضمن المخططِ العام؛ فلا يحلُّ لأحدِ الشركاءِ أن يستأثر بها وحدهُ، إلّا بالتراضي مع الآخرين، أو تأجيرِها منهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحلُّ مالُ امرئٍ مسلمٍ إلّا بطيبِ نفسٍ منه) [أحمد:299/34]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
محمد علي عبد القادر
الصادق بن عبدالرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
08/المحرم/1437هـ
21/أكتوبر/2015م