بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2947)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
تعاقدت شركة “م” مع وزارة الاتصالات، للقيام بعمل كمزود خدمة، عن طريق شركتي المدار وليبيانا، وبعد التعاقد قامت شركة ليبيانا بفرضِ غراماتٍ على الشركة، قدْرُها ثلاثون ألف دينار، تُودع في حساب شركة ليبيانا، وتقوم الأخيرة بالخصم من هذا المبلغ في حالة حدوثِ أيِّ خطأ، دون الرجوع إلى وزارة الاتصالاتِ، التي من شأنها التعاقدُ وفسخُ العقد وفرضُ العقوبات، ويكون الخصم معتمدًا على ما تراهُ شركة ليبيانا، دونَ الرجوعِ إلى خبيرٍ أو فنيٍّ، والواجب على الشركة في حالِ الخصم مِن المبلغ المُودَعِ، أنْ تقومَ بإكمالِ النقصِ الذي حصلَ فيه، فهل يحقُّ لشركةِ ليبيانا فرضُ مثل هذه الغراماتِ، وأن تكون هي الحَكم والخصم؟ وما حكم هذه الغراماتِ؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فيجوز إبرام عقد يحوي شرطًا جزائيًّا، في حالِ حدوث تقصيرٍ أو تفريط ظاهرٍ من العاملِ أو المستأجر، ما لم تكن هناك ظروف قاهرة، ويجب الوفاءُ به؛ للأدلة الكثيرةِ الدالة على الوفاءِ بالعقودِ والعهودِ والشروطِ، كما لا يجوز تضمينُه ما يتلفُ بسببِ الاستعمالِ العادي، بلا تعدٍّ منه ولا تفريط؛ لأنَّ يدَ المستأجر والعامل يد أمانة لا ضمان، وإنما يضمنُ فقط ما نجمَ من تلفٍ بسببِ التفريطِ والتعدِّي، قال ابن القاسم رحمه الله: “لاَ يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ إلاَّ أَنْ يَتَعَدَّى، أَوْ يُفَرِّطَ” [المدونة:427/3].
ولا يجوز لربّ العملِ تضمينُ الطرف الآخرِ، حتى يتحَقّقَ ويثبتَ تقصيرَ العاملِ أو الأجيرِ, وللطرفين في حالِ التنازعِ الرجوعُ إلى حَكَمٍ أو خبيرٍ ليفضَّ النزاعَ, وأمّا مِن ناحيةِ أنّ شركةَ ليبيانا لا تملكُ هذا التعاقدَ، وفرضَ مثلِ هذه الشروطِ؛ فهذا يُرجعُ فيه إلى وزارةِ الاتصالاتِ أو جهة الاختصاص فهي التي تقرر مثل هذا الأمر، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصداق بن عبدالرحمن الغرياني.
مفتي عام ليبيا
08/شعبان/1437هـ
15/مايو/2016م