طلب فتوى
الأقضية والشهاداتالفتاوى

ما حكم ضرب المتهم عند التحقيق معه

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2948)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤالان التاليان:

السؤال الأول: ما حكم ضرب المتهم وتعذيبه عند التحقيق معه؛ حتى يقر ويعترف؟ علما بأن هذه الطريقة تجدي نفعا أحيانا، لإظهار المعلومات والاعترافات.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن تعذيب المتهم للاعترافِ يختلفُ من شخص إلى آخرَ، فإن كان المتهم مستور الحال ليس من ذوي السوابق المشتهر بالإجرام فلا تجوزُ عقوبته، ولا انتزاع الاعتراف منه بالإكراه بالتعذيب والضرب ونحو ذلك، وأمّا إن كان المتهم من أصحاب السوابق، أو من اللصوص، معروفًا بالتعدي ؛ كالسرقةِ وقطعِ الطريق والقتلِ، ونحو ذلك، فيجوزُ حبسه وضربه بما يعين على معرفة الحقيقة؛ لإنزال العقوبة به، وكف شره؛ لأن مثله لا ينكف إلا بذلك، فقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الزبير رضي الله عنه بتعذيبِ المتهم الذي غَيَّبَ مالَه، حتى أقَرَّ به)، ويكون الضرب والتعذيب المشروع للمتهم بما لا يَشُقّ جلدًا، ولا يَكسر عظمًا، ولا يكون بالضربِ على الوجه، والصدر، والنحر، والبطن، ومكان العورة؛ لأنها مواضع يُخشى عليه منها الهلاك، ولا يجوز تعذيبه بالنار، أو الكهرباء، ولا تعريضه للبرد أو الحر الشديد، أو تجريده من الملابس وكشف عورته، أو قلع أظفاره، أو شعره، أو حرمانه الطويل من الطعام أو النوم، أو تعذيبه بما فيه إهدار آدميته، كشتمه ولعنه وتحقيره، ولا ما يفعله الظلمة والفجرة من التعرض لدينه بالسب وسب الرب تعالى وتقدس أو نحو ذلك ، أو منعه من العلاج، وضرورات حياته، فقد سُئِلَ الإمام مَالِكٌ رحمه الله عَنْ عَذَابِ اللُّصُوصِ بِالدُّهْنِ [كالقطران ونحوه] وَبِهَذِهِ الْخَنَافِسِ الَّتِي تُحْمَلُ عَلَى بُطُونِهِمْ؟ فَقَالَ: “لَا يَحِلُّ هَذَا، إنَّمَا هُوَ السَّوْطُ أَوْ السِّجْنُ” [النوادر:466/16]، وقال ابن رشد في البيان والتحصيل: “لا يصلح أن يُعاقَب أحدٌ فيما يلزمه فيه العقوبة إلا بالجلد والسجن، الذي جاء به القرآن، وأما تعذيب أحد بما سوى ذلك من العذاب فلا يحل، ولا يجوز” [383/16]، والله أعلم.

السؤال الثاني: ما حكم مداهمة المطلوبين من أجهزة الشرطة داخل بيوتهم، في ساعات متأخرة من الليل، مما ينتج عنه فزع عائلاتهم وأهلهم، وتكشفُ النساء، والدخول على الحرمات، وقد يعطى المتهم مهلة حتى ينستر النساء بطلب منه، فيستغلها للهروب، أو التمركز في مكان للمقاومةِ؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فمداهمة البيوت ودخولها بغير إذنِ أهلها لا يجوز؛ إلا إذا قويتِ القرينةُ, وحصل يقين أنّ في هذا البيت منكرًا، أو تعذر القبض على المجرم إلا بمداهمته في بيته، أو كانَ لا يستجيبُ لطلبِ القاضي حضوره، قال ابن فرحون المالكي في تبصرة الحكام: “وإن طال أمرُه وأضرَّ ذلك بصاحب الحقِّ، أمرَ بالدخولِ عليه بهدمٍ أو غيرِه؛ لأنّه معاندٌ للسلطانِ” [302/1]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

                                                                          

                                                            الصداق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                         مفتي عام ليبيا

08/شعبان/1437هـ

15/مايو/2016م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق