بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2975)
السادة/ مكتب الفنون والصنائع الإسلامية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة؛ وبعد:
فبالإشارة إلى مراسلتكم بخصوص تعرض عقارات مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية – التي أنشأتها من ريع أموال الوقفِ – للغصب والاستيلاءِ مِن قِبل النظام السابق، وتستمرُّ أجهزة الدولة في رفضها لإرجاعها، وطلبكم فتوى شرعية، تبين حرمة الاستيلاء على عقارات المدرسة وغيرها،، فالجواب كالتالي:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن دار الإفتاء – ومنذ تأسيسها – بيّنت، وفي عدّة فتاوى؛ أنه لا يحل لأحد الاعتداءُ على أموال الوقف، ولا على عقارات مؤسسات الدولة، ولا عقارات المواطنين الخاصة، مهما كانت المبررات، قال الله تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِنكُمْ( [النساء:29]، وفعل ذلك يُعدّ من الغلول؛ قال الله تعالى: (وَمَنْ يَّغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [آل عمران:161]، وما فعلته الجهات المتعدية على هذه العقار هو غصبٌ، محرم شرعًا، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من التعدي على أملاك الغير وعقاراتهم، قال صلى الله عليه وسلم: (مَن أخذ شبرًا من الأرضِ بغير حقّه، طُوِّقَهُ في سبعِ أرضينَ يومَ القيامة) [البخاري:245].
وعلى (مكتب الفنون والصنائع الإسلامية) – إن كان عنده ما يُثبت ملكه لهذه العقارات – ألّا يتهاونَ في الحفاظِ عليها – كما أنّه لا يتهاونُ في المطالبة بأملاكه الخاصة – وعليه أنْ يفعلَ في سبيلِ ذلكَ كلّ ما يمكنُه لردّها وسلامَتِها، وأن يسلك كل السبل المشروعة لتحصيلها؛ كالاتجاهِ إلى القضاءِ ونحوه؛ لإبراءِ ذمتِهِ، وإلّا كانَ مفرّطًا فيما أؤتمن عليه، فإنّ اللهَ استرعاهُ على هذه الأملاك، من وقفٍ وصدقاتٍ للمسلمين وغيرِها، فإنْ حفظَها وحافظَ عليها كانَ في مرضاةِ الله، وإنْ ضيّعها فإنّ الله تعالَى سائلُ كلِّ شخص عمّا استرعاهُ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألَا فكُلّكم راعٍ، وكلُّكُم مسؤولٌ عن رعيتِهِ) [البخاري:2416]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
محمد علي عبد القادر
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
23/شعبان/1437هـ
30/مايو/2016م