حكم التدخين والمتاجرة فيه
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3003)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
ما حكم التدخين؟ وهل يجب على الجهات المسؤولة في الدولة سنّ قوانين تمنع التدخين في الأماكن العامة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ التدخين من العادات السيئة، التي يمقتها كلّ ذي عقل وبصيرة، وقد كان الفقهاء قديمًا يختلفون في حكم شاربه بين الكراهة والتحريم؛ لعدم الوقوف على آثارِه وأضرارِه، ولكن بعد أن تكشفَ ضرره المحقق البالغ على الصحة العامةِ، وخطره على الحياة، ليس فقط على حياة المدخن بل أيضًا على من حوله، لم يعد له حكمٌ في الشريعة سوى المنع والتحريم؛ لأن الشريعة لا تبيحُ قتل النفس، والإلقاء بها إلى التهلكة، ولا التسبب في قتلها، ودفع الضرر من أصول الشريعة ومقاصدها المقطوع بها؛ قال صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) [الموطأ:2184]، وقال تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) [النساء:29].
وللتدخين كذلك مفاسد كثيرة، كالرائحة الخبيثة المؤذية للزوجة والأولاد والأصحاب والناس والملائكة، وإذا كان آكل الثوم يطرد من المسجد، مع أنه حلال وأكله علاج، وله فوائد صحية، فكيف بشارب الدخان، الذي هو داء وخبث، ومن مفاسده أيضًا ما فيه من سفه وتضييع للمال بصرفه فيما يضر به.
وتحريم التدخين من باب تحريم الخبائث؛ قال تعالى: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) [الأعراف:157]، ولا يمكن لأحد حتى من المدخنين أن يدَّعي أنّ الدخان من الطيبات.
وعليه؛ فإن المتعين منع التدخين نهائيا، ومنع تصنيعِه، واستيرادِه، وبيعِه وشرائه؛ لأن إعطاء التراخيص لتصنيعِه واستيراده فيه إقرارٌ بإباحته، وعدم تحريمه، وفي ذلك مخالفة لما تقدم من الأدلة على تحريمه، وعلى المسؤولين وأصحاب القرار التدرج في منعه، حسب خطة مرحلية تكون مدروسة؛ لعدم إمكان منعه الآن مرةً واحدة، مع التشديد في الإجراءاتِ وفي العقوبات عليه, والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
06/شوال/1437هـ
11/يوليو/2016م