ما حكم إسقاط الدَّين من الزكاة الواجبة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3180)
ورد إلى دار الإفتاء الأسئلة التالي:
السؤال الأوّل:
يتقدم بعض الموظفين في الشركة بطلبات صرف سلف مالية، وتخصم بعدَ ذلك من مرتباتهم، إلا أنه يتم تأجيل الخصم والتسويةِ لظروفهم الصعبة.
فهل يجوز استقطاع هذا المبلغ من قيمة الزكاةِ السنويةِ التي على الشركةِ؟
السؤال الثاني:
نحن شركةٌ مساهمة، ولدينا تاجر نتعامل معه، ويشتري منّا البضائع بالآجل، وقد أصيب الزبون بمرض عضال أقعده، وأصبح عاجزًا عن العملِ، وعن سداد الدَّين الذي عليه، فهل يجوزُ لنا إسقاطُ دَينه وإدخاله في جملة الزكاةِ الواجبةِ على الشركة، رأفة بحاله؟
الجواب عن السؤالين:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فَلا يَجوزُ لِلدَّائِنِ أَنْ يُسقِط دَينهُ عَن مَدِينِه الفَقيرِ المعْسِرِ، الذِي لَيْسَ عِندَه مَا يَسُدُّ بِه دَيْنهُ، وَيَحْسبَهُ مِن زَكاةِ مَالهِ، فَإِن فَعَل ذَلِكَ لَم يُجْزِئْهُ عَن الزَّكاةِ، وَبِهَذا قَال جمهور أهلِ العلمِ، ففِي المدونة قالَ مالك رحمه الله: (مَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى فَقِيرٍ فَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَحْسبَهُ عَلَيْهِ فِي زَكَاتِهِ) [تهذيب المدونة:446/1]، وقد صرح ابن القاسم: (بعدم الإجزاء) [التوضيح:346/2]، وقال الشَّيْخ زَرُّوق: (وَلَا يُحْسَبُ فِي دَيْنٍ عَلَى فَقِيرٍ، وَمَنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِهِ) [مواهب الجليل:345/2]، وَوَجْهُ الْمَنعِ أَنَّ الزَّكَاةَ لِحقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلاَ يَجُوزُ لِلإنسَانِ أَنْ يَصْرِفَهَا إِلَى نَفْعِ نَفْسِهِ أَو إِحْيَاءِ مَالِهِ، وَاسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ.
عليه؛ فإن كنتَم تُحبّون أن تعينوا من استدان منكم، وهو ممن يستحق الزكاة، فأعطوه المال في يده، فإذا رده إليكم في دينه بعد أن تملكه فلا حرج في ذلك، وأما إن أسقطتموها على أنها جزءٌ من الزكاة، فإنّ ذمّتك لم تبرأْ، ويجبُ دفع الزكاة مرةً أخرى إليهم إنْ كانوا مِن أهلِها، أي: فقراء أو مساكين، أو إلى غيرِهم مِن مستحقّيها، والله أعلم.
السؤال الثالث:
تتكون الشركة المساهمة من أفراد عائلة، وهم: الأب، والأم، وعدد من الأبناء، مساهمتهم في الشركة بأسهمٍ متساويةٍ ما عدَا الأب، توفي أحدُ الأشقاء المساهمين، وقد انتقل سهمه إلى أبنائه من بعده، ويتقاضون الأرباح الناتجة عن هذا السهم، وبعد فترة توفيت الأم، ولديها أسهم في الشركة كذلك، فهل يرث أحفادها (أبناء ابنها المتوفَّى قبلها) من سهم جدتهم، أم لا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ من شروط الميراث: تحقّق حياة الوارث بعد موت المُوَرِّث، وعليه؛ فلا ميراث لأبناء الابن المتوفى قبل أمّه؛ لأن أباهم توفي قبل أمّه، وهم محجوبون بأعمامهم، ولكن يستحب إعطاؤهم شيئًا من ميراث جدتهم؛ لقــوله تعالى: (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا) [النساء:8]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
الصادق بن عبدالرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
18/ربيع الآخر/1438 هـ
16/يناير/2017م