ما حكم رمي الكتب المدرسية في الطرقات وغيرها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3209)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
ما حكمُ ما يفعلُهُ بعضُ الطلبة مِن رميِ الكتبِ المدرسية في الطرقات، وأماكنِ القمامةِ، في نهايةِ العام الدراسيّ؟
الجواب:
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسولِ الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعدُ:
فإنّ ما اعتادَه بعضُ الطلبة اليوم، مِن التهاون في رميِ الكتبِ المدرسيةِ في الطرقاتِ، أو أماكنِ القمامةِ والمكباتِ محرمٌ شرعًا، وصاحبُه على خطرٍ عظيم؛ لأنَّ هذه الكتبَ لا تخلُو مِن بعضِ الآياتِ القرآنيةِ، ولا يخلُو كتابٌ في الغالبِ مِن (بِسْم الله الرحمن الرحيم)، أو مِن اسمٍ مِن أسماءِ الله تعالى، أو بعضِ الأحاديثِ النبويةِ مِن كلامِ النبيّ صلى الله عليه وسلم، ويترتبُ على ذلك امتهانُ هذه النصوصِ المقدسةِ واحتقارُها، والاستخفافُ بها.
ومعلومٌ أنّ مَن يقصدُ الاستخفافَ بشيءٍ مِن القرآن أو السنةِ أو الشريعةِ، فإنّه يكونُ مرتدًّا عنْ ملةِ الإسلامِ؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ [التوبة: 65]، ومن فعل ذلك دونَ قصدِ الاستهزاءِ غفلةً منه، فإنه آثمٌ إثمًا كبيرًا؛ لتهاونهِ وإهماله، قالَ الدردير رحمه الله في بابِ الردةِ وأحكامها: “(أو فعل يتضمنُه) أي يقتضِي الكفرَ ويستلزمُه استلزامًا بيِّنًا (كإلقاءِ مصحفٍ بقذرٍ) ولو طاهرًا كبُصاقٍ أو تلطيخه بهِ، والمرادُ بالمصحفِ ما فيه قرآنٌ ولو كلمة، ومثل ذلكَ تركُهُ به، أي: عدمُ رفعِه إنْ وجدَه به؛ لأنّ الدوامَ كالابتداءِ، فأرادَ بالفعلِ ما يشملُ التركَ، إذْ هو فِعلٌ نفسيّ، ومثلُ القرآنِ أسماءُ اللهِ وأسماءُ الأنبياء، وكذا الحديثُ كما هوَ ظاهرٌ، وحرقُ ما ذُكر إنْ كان على وجهِ الاستخفافِ فكذلكَ، وإن كانَ على وجهِ صيانتِهِ فلا ضررَ، بل ربما وَجَبَ، وكذا كتبُ الفقهِ إن كانَ على وجهِ الاستخفافِ بالشريعةِ فكذلكَ، وإلَّا فلَا” [الشرح الكبير: 301/4].
ويتحملُ وزرَ هذا الإهمالِ – بالنسبة للأطفالِ الصغارِ – أولياءُ الأمورِ والمدرسةُ؛ للتهاونِ في مراقبةِ الأطفالِ، وعدمِ منعِهم مِن تمزيقِ الكتبِ، وعدمِ الحفاظِ عليها، فالواجبُ على أولياءِ الأمورِ بالتعاونِ مع المدرسةِ التشديدُ على الأطفالِ في المحافظةِ على الكتبِ، وإعادتِها إلى إداراتِ المدارسِ؛ للاستفادة منها لعدةِ سنواتٍ.
وعلى وزارةِ التعليم سنُّ قوانينَ ولوائحَ، تُلزمُ الطلبةَ بإرجاعِ الكتبِ المدرسيةِ إلى المدارسِ، ومَن لا يهتمُّ بإرجاعِ ما معهُ مِن الكتبِ المقررةِ سالـمًا، تُحجَبُ عنه النتيجةُ، ويعاقَبُ بحرمانهِ من الكتابِ المدرسيّ في العامِ الدراسيّ الجديدِ.
وقد ترتَّبَ على العبثِ بالكتابِ المدرسيِّ تحمُّلُ المؤسسةِ التعليمةِ التكاليفَ الباهظةَ كلّ سنةٍ لطباعةِ كتبٍ جديدةٍ، أثقلتْ كاهِلَها، وربما عجزتْ عن توفيرِها، مما يتسببُ في تأخيرِ العمليةِ التعليمةِ برُمتِها، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
17/جمادى الأولى/1438 هـ
14/فبراير/2017م