حق الزوج في منع زوجته إظهار زينتها أمام الأجانب
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3514)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
حصلتْ مشكلةٌ بيني وبين زوجتي، بسبب استعمالها للمكياج خارج البيت، وكنت قد اتفقت معها في المقابلة الشرعية على عدم استعمال المكياج خارج البيت، وقلت لها مرة: (لو خرجت من البيت، وعلى وجهك المكياج، فأنت طالق)، وخرجتْ من البيت وعليها المكياج، وقالت لي: (المكياج أولى منك)، فاستنكر عليّ بعض الأقارب طلاقي، واتهمني بالتشدد، ووصفني بعضهم بأني داعشي، وأن الإسلام يجوّز للمرأة الخروج بالمكياج، فهل يجوز للمرأة أن تخرج بالزينة والمكياج أمام الأجانب؟ أرجو منكم بيان حكم شرعي في هذا، علما بأني لا أريد إرجاعها لذمتي.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فلا يجوز للمرأة وضع المكياج عند الخروج من البيت؛ لما في ذلك من التبرّج والسفور، قال الله تعالى: ﴿وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور:31]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾ [الأحزاب:33]، وما اشترطته من عدم خروج الزوجة بالمكياج غيرة على زوجتك أمرٌ محمود، وعلامة على الديانة والخوف من الله، وهو من واجباتك الشرعية، وترك الزوجة تخرج بزينتها أمام الأجانب دياثةٌ مذمومةٌ شرعًا وطبعًا، مُتوعَّدٌ صاحبها، قال صلى الله عليه وسلم: “ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ، وَالدَّيُّوثُ” [النسائي:2354]، فالواجب على المؤمنة أن تتقي الله، وتحذرَ إبداءَ الزينة لغير الزوج، وتكون خير معين للزوج على حفظها، لا أن تتبرّج أمام الأجانبِ بدعوى التحضّر والتمدّن، وقول الأقارب إن هذا الفعل تشدّد وتزمّت في الدين عملٌ من عمل الشيطان، قاموا به نيابة عنه، وإلحاق وصف (داعش) على من يغار على دينه وحرماته من الافتراء على الله؛ للتنفير من التدين، والتحريض على أهله، ومن الأذى البليغ، الذي تعود أهل السوء هذه الأيام إطلاقه على الأبرياء، حتى سفكوا به الدماء، فعلى كل مسلم يخاف الله واليوم الآخر، أنْ يمسكَ لسانه عن كلمة قد تكبُّهُ في النار، وإنّ الرجلَ لَيتكلمُ بالكلمةِ – يردِّدُها كما يرددُها غيره، ولا يعلمُ ما هي عليه من الخطورةِ على دينهِ – تهوي به في النارِ كما بين المشرق والمغرب، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب:58]، فمقياس التزمت هو أن يُضيّق المسلم واسعًا في الشريعة، أو أن يُغالي ويتنطّع بحرمان النفس، وتحريمِ أشياء لم يحرّمها الله تعالى، أما اتباع أوامر الله تعالى واجتناب نواهيهِ، فهو ما أمرَ به الإسلام، قال تعالى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ﴾ [هود: 112]، فهذا هو طريقُ الاعتدال والوسطية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
23/جمادى الآخرة/1439هـ
11/مارس/2018م