طلب فتوى
العقيدةالفتاوىمؤلفات وأبحاث

(ردّ إدارةِ الفتوى بدارِ الإفتاءِ على مقالِ المزداويّ)

  (ردّ إدارةِ الفتوى بدارِ الإفتاءِ على مقالِ المزداويّ)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

عقب صدور فتوى من دار الإفتاء، عن سؤال توجّه به أحد المواطنين، حول قصيدة في كتاب مدرسي للمرحلة الابتدائية، بها بيتانِ يقولان:

ألَا لبّيكِ إنّ الحبّ أولُه *** وآخره تجسَّدَ في محيَّاكِ

وإنّ الخيرَ كلّ الخير *** منبعُه ومبعثُهُ: عَطاياكِ

قالت الفتوى: إن إسنادَ منبع ومبعث الخير كلّ الخير إلى الوطن، وكذلك جعل الحب كلّه؛ أوله وآخره للوطن، فيه غلوٌّ ينبغي التنزه والابتعادُ عنه؛ لأنه إذا جعل الحب كلّه أوله وآخره إلى المخلوقِ، صار أحبّ إلى المرء من الله ورسولِه، وهو مما ينافي الإيمان، فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يؤمنُ أحدُكم حتّى يكونَ اللهُ ورسولُه أحبَّ إليهِ ممّا سواهُما).

وكذلك جَعْل مصدر كلِّ خيرٍ هو الوطن، وليسَ للخيرِ مصدرٌ سواهُ؛ غيرُ صحيحٍ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الثناء على ربّه: (والخيرُ كلّه إليك)، وبناءً على هذه المآخذ الشرعية قالت الفتوَى: الأولَى أنْ تستبدَلَ القصيدةُ بقصيدةٍ وطنيةٍ أخرَى، ليس بها هذه الشبهات.

 

فكتبَ أحدُ الغَيورينَ على اللغةِ العربيةِ والشعرِ، السيد المزداوي مَقالًا، بلغَ بهِ الحماسُ فيهِ مَبلَغًا كبيرًا، ونُشر في صفحةِ الدكتورِ عبد المولَى البَغداديّ، الشاعر والأديبِ المعروفِ.

وقد رأت إدارة الفتوى بدارِ الإفتاء – توضيحًا للحقيقةِ، ورَفعًا للّبْسِ – عرضَ المقالِ، والردَّ عليهِ ردًّا موضوعِيًّا، يحكُمُهُ المنطِقُ وقواعدُ العلمِ.

فنقولُ: الحمدُ للهِ وبهِ نستعِينُ.

1- بدأَ الكاتبُ وفّقَه الله مقالَهُ بالطريقةِ المعهودَةِ، في البدءِ بالمدْحِ المبطّنِ بالتهجُّمِ على الدّارِ، مِن مثلِ: نَحترمُ علماءَنَا ونُجلّهُم، ولا نقدَحُ في علمِهم، ولكنَّهم بشرٌ مثلُنا، يخطِئونَ ويُصيبونَ.. إلخ.

تقول إدارة الفتوى: هذهِ شنْشنَةٌ عرفْنَاها مِن أَخْزَم، كلُّ مَن أرادَ أنْ يشنَّ هجومًا على مؤسّسةِ الإفتاءِ هذهِ الأيام، يمهِّدُ بهذِه المقدمةِ؛ توقيرِ العلماءِ ونحوِ ذلك، ثم يقولُ: إلّا أنّهم غيرُ معصومِينَ.

ولمْ نرَ هذا الاحتراسَ من العصمةِ في مخاطبَةِ أيّ جهةٍ أخرَى في البلدِ؛ سياسيةً كانت أو قانونيةً أو قضائيةً، أو غيرَها.

وكأنّ دارَ الإفتاءِ وحدَها هيَ المؤسسةُ التي ترفعُ شعارَ العصمةِ وتدَّعيهِ لنفسِها، فيُخشَى عليهَا منهُ، ويجبُ أنْ تُنبَّه عليهِ وتُقرّع في كلِّ مرّةٍ!

2- ذكرَ الكاتبُ بعضَ الأحاديثِ النبويةِ في حبِّ الوطنِ، وقالَ: إنّه لا يتعارَضُ مع محبّةِ اللهِ.

إدارة الفتوى: معاذَ الله أنْ تُهوّن الدار من شأن حبّ الوطن، وهل زَهّدَتِ الفتوَى في حبِّ الوطنِ مِن قريبٍ أو بعيدٍ، أو قالت: هوَ يتعارَضُ معَ محبةِ اللهِ؟!

الفتوَى نبّهتْ على الغلوِّ في الحبِّ، والفرقُ بينَ الأمرَينِ واضِحٌ.

3- قال الكاتبُ: الدارُ لا تعرفُ إلّا لغةَ المعاجِمِ في دلَالاتِ الألْفاظِ، أمّا الشعرُ فلهُ لغةٌ أخرَى، تختلِفُ عن لُغةِ العلومِ، لغةٌ تتراقَصُ فيهَا المعانِي أمامَ الشاعرِ، يعرفُها مَن يملكُ أدواتِ النّقدِ، ولا يُبصرُها كلُّ أحدٍ، وتحتاجُ إلى مجهرٍ، هوَ مجهرُ نقدِ الشعرِ، الذِي لا تَملكُه الدّارُ، ولمْ تشتَرِهِ بَعدُ، ولغةُ الشعرِ هذهِ – حسبَ قولِ الكاتبِ – يعرفُها حتّى طُلابُ المرحلةِ الإعداديةِ، وأنّ مشايخ الدارِ لا يعرفونَها، ويتكلّمونَ في غيرِ اختصاصِهم، ورحمَ اللهُ امرأً عرَفَ مكانَه وجلَسَ دونَه، كمَا قال الكاتبُ.

وأضافَ: إنّ الشاعرَ يجوزُ له ما لَا يجوزُ لغيرهِ، لذَا جازَ لهُ صرفُ ما لَا ينصرفُ، وقصرُ الممْدودِ ومدُّ المقصورِ، ونحو ذلكَ مِن التوسّع والمجازِ والرمزيةِ، واستشهدَ بمعانٍ مجازيةٍ وردَت في القصيدةِ، التِي تناولَتْها الفتوَى، وفي قصائِدَ للشابِّي وشوقِي ورفيق، وغيرِهم مِن الشعراءِ، وجعَلَها كالدليلِ الشرعيِّ على أنّ للشاعرِ أنْ يقولَ ما يشاءُ، وأنّه غيرُ مقيدٍ بالقواعِدِ العامّةِ، بمَا فيها القواعدُ الشرعيةُ.

تقول إدارة الفتوى:

أوّلا – هذا القولُ مِن الكاتبِ فيه اغترارٌ بالنفسِ، تمنّينَا ألّا يَقَعَ فيه، عافَاه الله.

وعليه أن يعلم كما قال القائل: إنَّ بنِي عمِّكَ فيهِم رِمَاح.

ولا نحتاجُ إلى الإطالَةِ في هذَا، فإنّ ما ادَّعاهُ مِن المجازِ والتوسُّعِ، الذِي تسعُه لُغةُ الشعرِ، فاتَه – للأسفِ – أنه متعذرٌ في البيتينِ محلّ الفتوَى. فالتأكيدُ الواردُ فيهما بأدَاةِ التأكيدِ، أو بالإحاطَةِ؛ يرفعُ المجازَ، ويمنَعُ غيرَ الحقيقةِ؛ كما هو مُقرّرٌ عندَ البلاغِيينَ والنُّحاةِ.

وإذا كانتِ الدارُ تتكلّمُ في غيرِ تخصُّصِها – كما ذكرَ الكاتبُ – فهلِ الكاتبُ عندَما يَردُّ فتْوى شرعيةً يتكلمُ في تخصّصِه؟!

ثانيًا – صحيحٌ؛ يجوزُ في الشعرِ الخروجُ عن بعضِ القواعدِ النحويةِ؛ في المصروفِ والممنوعِ مِن الصرفِ، والمقصورِ والممدودِ، ويُسمونَه ضرورَةً، ومِن اسمِه يُعرفُ أنّه مُقدّرٌ بالضرورةِ، لكنّ هذهِ الضّرورةَ لمْ يقلْ أحدٌ مِن أهلِ العلمِ أنّها تشمَلُ المُخالفاتِ الشرعيةَ، ولذلكَ عندَما سُئلَ الأقدمونَ، ومنهمُ الإمامُ الشافعيّ رحمهُ اللهُ تعالَى، عن الشعرِ؛ أجابَ: الشعرُ كلامٌ؛ حسنُه حسنٌ، وقبيحُه قبيحٌ، فهو في المعانِي كسائرِ الكلامِ، ليسَ استثناءً.

وعندما أنشدَتِ الجاريةُ عندَ النبيّ صلى الله عليه وسلم: (وفِينَا نَبيٌّ يعلَمُ ما فِي غَدٍ)، قال لها: (دَعِي هذَا، وقولِي بالّذِي كنتِ تقُولينَ، فلَا يعلمُ ما فِي غدٍ إلّا اللهُ)، ولم يحمِل النبي صلى الله عليه وسلم قولَها – وهيَ تُنشدُ – علَى تراقُصِ المعانِي الشعريةِ، أو التوسع والمجازِ، على إرادَةِ أنهُ يعلمُ ما في غَدٍ إذَا أعلمَه اللهُ إياهُ، ويقرّها علَى لغةِ الشعرِ، بلْ أقامَ صلى الله عليه وسلم عليها القواعدَ الشرعيةَ، وقال لهَا: (دعِي هذا، لا يعلَمُ الغيبَ إلّا اللهُ).

فليس للشعرِ جوازُ مرورٍ، يجعلُه فوقَ المحاسبةِ في دلالاتِ الألفاظِ، المخلّة بالمعانِي الشرعيةِ.

روَى أبو سلمةَ بنُ عبدِ الرحمنِ قالَ: “لم يكنْ أصحابُ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ متحزِّقينَ، ولَا مُتماوِتِينَ، وكانُوا يتنَاشدُونَ الشعرَ في مَجالِسِهم، ويَذكُرونَ أمرَ جاهليتِهِم، فإذَا أرِيدَ أحدٌ منهُم على شيءٍ مِن أمرِ الله، دارَت حمالِيقُ عينيهِ كأنَّه مَجنونٌ”.

وعندَما سمعَ عثمانُ بن مظعونٍ الشاعرَ لبيدَ بنَ ربيعة العامريَّ يقولُ:

أَلَا كلُّ شيءٍ ما خلَا اللهَ باطلٌ، قالَ ابنُ مظعونٍ: صدقْتَ، ولمّا قالَ لبيد:

وكلُّ نعيمٍ لا مَحالَة زائِلٌ، قالَ ابنُ مظعونٍ: كذبْتَ، فإنّ نعيمَ الجنةِ لا يزولُ، ولم يَغفرْ له الحملَ على المجازِ؛ لأنّ ابنَ مظعونٍ الصحابيّ رضي الله عنه مِن أهلِ اللغةِ، والتأكيدُ في لغتِه يرفعُ المجازَ.

أمَّا الردُّ على الفتوَى بقولِ الشابّي: (فلابدَّ أنْ يستجيبَ القدَر)، ونحو ذلكَ، فنقولُ: هذا ممّا ينبغِي أنْ يخضعَ للمعيارِ الشرعِيِّ، لا أنْ يكونَ دليلًا يقاسُ عليه؛ لأنّه كلامُ سائرِ الناسِ، الذينَ ليستْ لهُم عصمَةٌ، فلا يصلحُ دليلًا، والدليلُ هو ما قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، أو ما بُنيَ عليهما، وكلامُ الشابّي عندَ عرضِهِ على الكتابِ العزيزِ ظاهرُهُ يدلُّ على أنّ مشيئةَ اللهِ، الذي يُقدرُ الأقدارَ، تابعةٌ لمشيئةِ الشعبِ، وهذا باطِلٌ قطعًا، ومُضادٌّ لقولِ اللهِ تعالى: (ومَا تَشاءُونَ إلَّا أنْ يَشَاءَ اللهُ)، فالشرعُ هو الحاكمُ، وليسَ كلام الشابِّي، ولا غيرِه.

4- قال الكاتبُ: ما سمعْنا أنّ دارَ الإفتاءِ في أيِّ بلدٍ مسلمٍ؛ تلاحقُ المواطنينَ، وتصدرُ الفتاوَى لمنْ شاءَ، ولو أدَّى ذلكَ إلى الطّعنِ في مصداقيةِ وزارَة التعليمِ… الخ.

تقول إدارة الفتوى: دار الإفتاءِ في ليبيا، ونظنُّها في كلِّ بلادِ المسلمينَ، صحيحٌ أنّها ما أُنشئَت لتلاحِقَ المواطنينَ، ولكنّها بالتأكيدِ أنشئَتْ لتجيبَ السائلينَ، فكلّ مَن يتوجَّه إليها بسؤالٍ شرعيٍّ ملزمَةٌ أنْ تُجيبَه؛ لأنّ الله تعالَى يقولُ: (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ)، ويقول: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).

والعلماءُ بدار الإفتاءِ مِن أهلِ الذكرِ في هذا الشأنِ، فعليهِم أنْ يجيبوا، وسواءٌ كان السؤالُ مِن الشؤونِ الخاصةِ أو العامّة؛ فليسَ حكمُ اللهِ محصورًا في دفنِ الموتَى، وعقودِ الزواجِ والطلاقِ، بل حكمُ الله – الذي ينبغِي للمسلمِ أن يسألَ عنه – عامٌّ في شؤونِ الحياةِ كلها، في شؤونِ الحكمِ وفي التعليمِ والمالِ والإدارةِ وغيرِ ذلك، فإنّ الله تعالَى يقولُ: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ).

5- يقول الكاتب عن الفتوى: إنّها حشرت آياتٍ قرآنيةً كريمةً، وأحاديثَ نبويةً شريفةً، لا علاقةَ لها بالموضوعِ، ولا تُنبي عنْ فهمِ النصّ، الذِي حكمُوا عليهِ.

تقول إدارة الفتوى: مَن الذي يُرجعُ إليهم لمعرفةِ ما إذَا كانَ استنباطُ الحكمِ الشرعي مِن الدليلِ على قواعدِ العلمِ، أو كانَ حشوًا في غيرِ موضعِهِ؟ هل همُ الشعراءُ، أمِ الأطباءُ، أمِ الفقهاءُ؟ فإذا كانَ الفريقُ الأوّلُ أو الثانِي هم مَن يقرّرونَ ذلكَ، فعلَى الفقهاءِ أن يتّجهوا إلى علاجِ المرضَى في المشافِي؛ لتصحَّ الأبدانُ، وليستقيم كلام الكاتب!!

6- قال الكاتبُ: بناءً على هذه الفتوى، عليكم أن تُسائِلوا الإمامَ الشافعيّ – وهو أحد الأئمة الأربعة – أو تحاكِموهُ حينَ يقولُ:

دعِ الأيامَ تفعلُ ما تشاءُ   وطِب نفسًا إذَا حكمَ القضَاءُ

تقول إدارة الفتوى: كلام الشافعي لا يَرِدُ عليه ما أورَدَه الكاتب، هذا مِن إسنادِ الفعلِ إلى غيرِ فاعلِهِ لقرينةٍ، معروفٌ بالمجازِ العقليّ، مثلُ قولِهم: أنبَتَ الربيعُ البقلَ، وشفَى الطبيبُ المريضَ، وفي القرآنِ: (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا)، والقرينةُ في كلامِ الشافعيّ هي في الشطرِ الثانِي مِن البيت: (وطِب نفسًا إذا حكمَ القضاءُ)، فأسندَ الشافعيُّ الأمرَ إلى الفاعلِ الحقيقيِّ.

7- قال الكاتبُ، بعد أن ساقَ قصة كعب بن زهير، وقصيدتَه: إنّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم قال له: (لَا تمدَحنِي بخَصِيّ الشعرِ، امدحنِي بشعر الفحول)، وذكرَ جملةً مِن قصائد الغزلِ والتشبيب بالنساء، وقال: لو طبّقنا عليها معايير دارِ الإفتاءِ لكفَّروا القائلَ بها، ولأحرقُوا دوَاوينَ الشعرِ؛ كما أحرقَ القذافي الكُتبَ الصفراءَ.

تقول إدارة الفتوى: قبلَ أن نتكلمَ على قصةِ قصيدةِ كعبٍ، هذا القول بخصوصه: (لا تمدحني بخصي الشعر) ليسَ عليه نُور النبوةِ، لا فِي لفظِه، ولا في فحواه، فليسَ مِن عادةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم أن يطلبَ المدحَ لنفسِه، أو أن يُعرَضَ عليه منهُ شيءٌ فيطلبَ أزيد منهُ، حاشاهُ مِن ذلك، فقد نهَى أصحابَه صلى الله عليه وسلم وقال لهم: (لا تُطْرُونِي كمَا أَطرَتِ النصارَى عيسَى ابنَ مريمَ)، وعن مُطرِّف عنْ أبيهِ قال: انطلقتُ في وفدِ بني عامر إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقلنَا: “أنتَ سيدُنَا”، فقال: (السيدُ اللهُ)، قلنَا: “وأفضلُنا فضلًا وأعظمنا طَولًا”، فقال: (قُولُوا بقولِكم أو بعضِ قولِكم، ولا يَسْتَجْرِيَنّكُم الشيطانُ).

وقصةُ كعبٍ – التي شغلَ الكاتبُ نفسَه بها وأسهبَ فيها – إن أُخذت على أنّها مِن أخبار السيَر والحوادث، كما تُنقل الأشعار والأخبارُ، التي لا يُطلب فيها التدقيقُ وصحةُ السندِ، فهذا مقبولٌ، أمّا أنْ يستدلّ بها على حكمٍ شرعيٍّ؛ كما يريدُ الكاتبُ، فذلك يتطلبُ عرضَها على ميزانِ الجرحِ والتعديلِ، فلا يثبتُ حكمٌ شرعيٌّ إلا بإسنادٍ صحيحٍ أو حسنٍ، ولا يثبتُ بحديثٍ ضعيف.

وسماعُ النبي صلى الله عليه وسلم للقصيدةِ من كعبٍ، ضعَّفَه المحققونَ مِن المحدثينَ؛ كابنِ كثيرٍ والعِراقيّ.

أمّا ما استشهدَ به الكاتبُ مِن أشعارٍ أخرَى مشابهةٍ، في التشبيبِ بالنساءِ، وكأنّها أدلةٌ شرعيةٌ مسلَّمة، فهذه لا تصلحُ؛ لمَا تقدّمَ في الكلامِ على الشابّي.

8- قال الكاتبُ: وأينَ فتاوى دار الإفتاءِ، في القتلِ والسطوِ واقتحامِ المصارفِ والفسادِ الماليّ… إلى آخره.

تقول إدارة الفتوى: نأسفُ لأنّ الكاتبَ لم يكلف نفسَه الاطلاعَ على صفحة دار الإفتاءِ، ولو كانَ يراهَا لمَا سألَ هذا السؤالَ، ولعلّنا نُهدِي له – مبدئيًّا – باقةً مِن البياناتِ والفتاوَى، تزيدُ على الثلاثينَ رابطًا، كلّها فتاوى في الموضوع الذي سألَ عنه.

1-    مجموع البيانات الصادرة عن دار الإفتاء منذ نشأتها:

https://ifta.ly/web/index.php/2012-09-04-09-55-33

2-    مجموع بيانات المفتي والدار ومجلس البحوث فيما يخص الغلو والتطرف – منذ نشأة الدار 2012م

https://ifta.ly/web/index.php/2012-09-04-09-55-33/2015/2670-allbyanat

 

9- وأخيرًا قالَ الكاتبُ: إنّ في هذا إساءةً إلى الشاعرِ الدكتورِ عبد المولَى، صاحبِ القصيدة، وحاولَ الكاتب – للأسف – الوقيعةَ بينَه وبينَ الدارِ، وقال: إنّ المشايخ يريدونَ من هذه الفتوَى الطعنَ في الشاعرِ، ويطلبُ الكاتبُ منه ومِن وزارةِ التعليمِ رفعَ دعوَى ضدَّ الدارِ.

تقول إدارة الفتوى: إنّ المشايخَ عندما أجابُوا السائلَ لم يكنْ لهم علمٌ أصلًا بصاحبِ القصيدةِ، والدكتورُ عبد المولى – بارك الله فيه – هو زميلٌ قديم، معاصرٌ في الدراسةِ لشيوخِ دار الإفتاء، عندما كانُوا في معهدِ أحمد باشا، وليس كما جاءَ في بعضِ تعليقاتِ الإعجابِ على المقال: (أسمرية الباشا).

وختمَ الكاتبُ مقاله ببيتٍ مِن الشعر، لعلّه أدركَ الآنَ أنّه أساءَ به إلى نفسِه، أكثرَ ممّا أساءَ إلى المشايخِ:

يَأسَى الشعُورُ لشِعْرٍ صَارَ ناقدُهُ *** مَنْ لا يفَرِّقُ بينَ الشِّعْرِ والشَّعَرِ

واللهُ الهادي إلى سواء السبيلِ.

إدارة الفتوى بدار الإفتاء.

الخميس 6 رجب 1437 هـ

الموافق 14-أبريل 2016

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق