طلب فتوى
الإجارةالفتاوىالمعاملات

أخذ الأجرة على ضراب الفحل

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (922)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

ينتشر بين مربي الخيل تأجير الفحول للضراب، فمنهم من يؤجره على عدد معين من الركبات، كثلاث مرات مثلا، بقيمة محددة، تدفع مقدما، بغض النظر عن الحمل وعدمه، ومنهم من يؤجره لمدة محددة، بغض النظر عن الحمل وعدمه، ومنهم من يؤجره إلى حصول الحمل، فما حكم ذلك كله؟.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فقد قال ابن عمر رضي الله عنهما: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن عَسْب الفحل) [البخاري: 2284]، والعَسْب، ويقال له العسيب: هو ثمن ماء الفحل، وقال سعيد بن المسيب رحمه الله: (لا ربا في الحيوان، وإنما نهي من الحيوان عن ثلاثة: عن المضامين، والملاقيح، وحبل الحبلة، والمضامين: بيع ما في بطون إناث الإبل، والملاقيح: بيع ما في ظهور الجمال) [الموطأ:2411]، وهذا النهي محمول على بيع أو استئجار ماء الفحل ليَنْزُوَ على الأنثى حتى تحمل؛ وهو ممنوع؛ إما لأنه غير مقدور على تسليمه، أو لأجل الغرر والجهالة؛ لأنها قد لا تحمل فيتضرر ربّ الفحل، وقد تحمل من أول مرة، فيغبن صاحب الأنثى. قال القرافي رحمه الله: “النهي محمول على ما فيه غرر من اشتراط الحمل” [الذخيرة:413/5]، وقال ابن شاس رحمه الله: “ومحل النهي فيه على استئجار الفحل على عقوق الأنثى، وهو فاسد؛ لأنه غير مقدور على تسليمه” [عقد الجواهر الثمينة:672/2]. وأما استئجار الفحل للضراب مدة معلومة كيوم، أو عدد مرات محددة، كمرتين أو ثلاث، سواء حملت الأنثى أم لم تحمل؛ فهو جائز؛ لأنه عقد على منافع الفحل، وهى معلومة، قال القرافي رحمه الله: “تجوز إجارة الفحل للإنزاء أكواما معروفة أو شهرا بكذا لأنها منفعة مقصودة مضبوطة” [الذخيرة:413/5]، وإذا تم استئجار الفحل على الوجه الجائز مدة معلومة، أو مرات معدودة، وعرف حمل الأنثى بإعراضها عن الفحل قبل تمام المدة أو العدد؛ انفسخت الإجارة، ولزم من الأجرة بقدر المدة التي استوفيت، قال الدردير رحمه الله: “(فإن أعقت) أي: حملت، وعلامته: إعراضها عن الفحل، (انفسخت) الإجارة فيهما، وعليه بحساب ما انتفع”[الشرح الكبير:58/3].

           وعليه؛ فالصورة الثالثة الواردة في السؤال غير جائزة, بخلاف الصورتين الأوليين؛ بشرط أن يرد صاحب الفحل جزءا من الأجرة؛ إذا حصل الحمل قبل تمام المرات، أو المدة.

          وتجوز إعارة الفحل للضراب، ويجوز لمن استعاره أن يعطي شيئا للمعير إكراما وهدية، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا من كلاب سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل؟ (فنهاه)، فقال: يا رسول الله، إنا نُطرِق الفحل فنكرَم، (فرخص له في الكرامة) [الترمذي:1274]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

10/ربيع الآخر/1434هـ

2013/2/20

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق