بسم الله الرحمن الرحيم
رقم الفتوى ( )
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
لدينا مسجدٌ عتيقٌ، لا يوجد به أي ضريح أو قبر، لا قديماً ولا حديثاً، بشهادة أناس تناهز أعمارهم المائة سنة، ثم قُمنا ببناء المسجد سنة 1983، وأثناء عملية البناء والحفر للأساسات عُثِر على رفاث وعظام في باطن الأرض، تَمَّ نقلها إلى المقبرة، وكذلك عند حفر خزان المياه وُجِدَت جمجمة تَمَّ نقلها أيضا إلى المقبرة، ثم وُسِّعَ المسجد من الناحية الغربية مسافة أربعة أمتار لم يوجد تحتها أي رفاث، وفي خلف المسجد تَمَّ بناءُ صالة يتم فيها تحفيظ القرآن، ويوجد شمال المسجد مَمَرٌ مُنْتَهٍ بسُورِ المقبرة، يعتقد أن تحت هذا الممر بعض القبور القديمة، وخلف المسجد يوجد بناء قديم على شكل قبة لا قبر، فيها يظهر أنها مسجد مكتوب على بابها “الصلاة في وقتها خير من الدنيا وما فيها ـ جُدِّدَ بناؤُه سنة 1222هـ”، علماً بأن المقبرة التي إلى جوار المسجد لم يدفن فيها أحد منذ العام “1986م”، فما حكم الصلاة في هذا المسجد، بارك الله فيكم؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالأصل أن لا تبنى المساجد على المقابر؛ لما في ذلك من ذريعة الشرك، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: أن من يفعل ذلك من شرار الخلق، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم اليهود والنصارى، لمِاَ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، هذا إذا كانت المقبرة عامرة غير دارسة، أما إذا كانت المقبرة دارسة غير عامرة، كما هو الظاهر من السؤال، فيجوز البناء عليها والصلاة، قال ابن القاسم: “لو أن مقبرة من مقابر المسلمين عَفَتْ، فبنى عليها قوم مسجداً لم أر بذلك بأساً”؛ لأن الأرض كلها مقبرة، كما قال الله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتاً أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً}، قال الشعبي: “باطنها لأمواتكم وظاهرها لأحيائكم”؛ ولأن ما كان لله لا بأس أن يُستعان ببعضه على بعضٍ، ويُنقل من بعضه إلى بعض، وينقل ما وجد من رفاث، فيدفن في مقبرة المسلمين، وبذلك يعلم أنه لا وجه لمن يمتنعون عن الصلاة في المساجد التي توجد بها قبور قديمة حتى تنبش، وتزال؛ فإن القبور القديمة بالمساجد تُسوى وتُطْمَس، حتى لا يبقى لها أثر والصلاة فيها مشروعة. والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا