طلب فتوى
البيعالفتاوىالمعاملاتقضايا معاصرة

حكم شراء السلاح وبيعه

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2568)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

نحن مجموعة من تجار وحرفيّي الذهب والفضة، نطلب منكم فتوى في حكم اقتناء السلاح الشخصي، في المحلات والمصانع التابعة لنا، وعند التنقل داخل البلاد، للدفاع عن أنفسنا وممتلكاتنا من عمليات السطو المسلح، التي كثرت عندنا، وعن حكم شراء السلاح، علمًا بأن أكثر السلاح المعروض هو مما تسرب من مخازن الدولة أثناء الثورة.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فلا يجوزُ شراءُ السلاح ولا بيعُه، وقتَ الفتنة والهرج؛ لأنه يؤدي إلى مزيدٍ من القتلِ وسفكِ الدماء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ) [سنن النسائي:3987]، ولو فُتِحَ هذا البابُ، باسم الدفاعِ عن النفسِ أو غيرِ ذلك؛ لم تزددْ به تجارةُ الموت إلا رواجًا، ويزدادُ بذلك اختلال الأمن، والاعتداءُ على الأرواحِ والأموال.

والواجبُ على العامة في مثل هذه الحالة، التي يخشون فيها على أنفسهم مِن المجرمين واللصوص، أن يتخلّصوا من السلبية، ومن التهاون فيما أوجبَه الله عليهم، من دعم ونصرة أهلِ الحق، وتكثيرِ سوادهم، وأن يتعاونوا ويتكاثفوا في المطالبة بحقوقهم، بكل الوسائل السلميةِ المشروعة، كالمشاركة في الميادين للاحتجاج على التقصير في رفع الظلم، وكالتعاون عن طريق النقابات ومؤسسات المجتمع المدني، بتوصيل صوتهم إلى المسؤولين؛ ليضعوا مؤسسات الدولة المكلفة بالأمن، كوزارة الداخلية والمخابرات والمباحث العامة وغيرها، أمام مسؤلياتهم في حماية أرواحِ الناس وممتلكاتهم، فإنها أمانة في أعناق هذه الوزارات وإداراتها المختلفة، ومِن أجلِ ذلك وُلّيت وقُلِّدَت الوظائفُ، وصُرفَت لهم المعاشاتُ والمزايا مِن المال العام، الذي هو مالُ الناس جميعًا، مستقطع مِن أرزاقهم وأقواتهم؛ نظيرَ أن تقوم هذه المؤسّسات بتأمينِ حياتِهم، في أسواقِهم وطرقاتِهم، وتحافظَ على دمائِهم وأموالهم وأعراضِهم، فإنهم بتكليفِهم وتحملِهم للأمانة مسؤولونَ عن رعيتهم، وعجزهم عن ذلك أو تفريطهم، مع حرصِهم على الاستمرارِ وهم غيرُ قادرينَ؛ مِن الغش للرعية، الذي توعدَ النبي صلى الله عليه وسلم عليه بالنارِ؛ فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) [صحيح مسلم: 227].

وهذا الوعيد لا يخص جهة بعينها، بل يعمُّ كلّ مَن استرعاهُ الله رعيةً، في طول البلاد وعٓرضها؛ في الحكومة أو المؤتمر الوطني العام، فغشَّ فيها بإهمالٍ أو غش أو تفريطٍ، وأولَى إن كان باحتيالٍ أو تعويق، لقاءَ رشوةٍ بمال، أو وعودٍ بتوظيفٍ ومنصبٍ؛ لأنّ الله تبارك وتعالى سائلٌ كلّ راع عمّا استرعاه، حفظَ أم ضيَّعَ.

نسأل الله تعالى أن يُصلحَ حال الراعي والرعية، وأن يولي علينا وعلى بلاد المسلمين خيارَ الناس، ويهيئَ لهم مِن أمرِهم رَشدًا، والله أعلم.  

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

                                                                                             

                                                             الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                          مفتي عام ليبيا

13/ذو الحجة/1436هـ

27/سبتمبر/2015م

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق