طلب فتوى
العقيدةالفتاوى

حكم كتابة لفظ الجلالة (الله) ولفظ (محمد) متجاورين أو متقابلين في المحاريب والساعات وغيرها

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (1104)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

          ما حكم كتابة لفظ الجلالة (الله) ولفظ (محمد) متجاورين أو متقابلين في المحاريب والساعات وغيرها؟ ومن الذي له الحق في إثبات ذلك أو إزالته من المساجد؟ وما نصيحتكم للمصلين الذين حصلت بينهم ضجة وخصومات في المسجد، بسبب إزالة أحد المصلين لهذه الألفاظ؟

الجواب:

           الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

           أما بعد:

فإن توقير رسولِ الله صلى الله عليه وسلم واجب، ونصرته ومحبته المقدمة على النفس من شروط الإيمان، وقد رفع الله تعالى ذكر نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: )وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ([الشرح:3]، قال الطبري رحمه الله: “فلا أذكر إلا ذكرت معي، وذلك قول: لا إله إلا الله محمد رسول الله”[الطبري:492/24]، فليس خطيب، ولا متشهد، ولا صاحب صلاة، إلا ينادي بها، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه – يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم– :

                   وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيّ إلى اسمهِ            إذا قَالَ في الخَمْسِ المُؤذِّنُ أشْهَدُ

                   وشـقّ لــهُ مـنِ اسمـــهِ ليـجـلــهُ            فذو العـرشِ محمـودٌ وهـذا محمــدُ

           لكن وضع اسمه الشريف صلى الله عليه وسلم إلى جنب لفظ الجلالة في لوحات تعلق في المساجد أو في غيرها، قد يوحي بالتسوية بين الخالق والمخلوق، وهو ما حذّر منه النبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الرجل الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما شاء الله وشئت”، فقال له: (أجعلتني لله نداً؟، بل ما شاء الله وحده)[مسند أحمد:1742 وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء محمد)[ابن ماجه:2109]، وفي حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: (كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثَلاثَةَ أَسْطُرٍ: مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولُ سَطْرٌ، وَاللَّهُ سَطْر)[البخاري:5878]، بل عندما جمع الخطيب اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم مع اسم الله تبارك وتعالى في ضمير واحد، وقال: “وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى”، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ، قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ([مسلم:1444]، وهذا كله يرشد إلى ما سبق من محاذرة التسوية بين الخالق والمخلوق.

والواجب الشرعي على كل من رأى رأيا بإصلاح شيء في المسجد، أن يصل إليه من خلال قنواته الصحيحة، وهي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ويتعاون معها، ويتقيد بالنظم التي تعممها فيما اختارته ورضيته من أقوال أهل العلم، ولايحل لأحد الخروج عليه، ولا تغييره من تلقاء نفسه، ولو كان يعتقد أنه منكر، وفعل شيء من ذلك بالقوة من الخروج على ولاة الأمر، فيما ارتضوه من الأمور الشرعية، لمصلحة الأمة وصلاح الدين، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، وتوعد من خرج عليهم قيد شبر بميتة جاهلة، والله أعلم.      

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                                        مفتي عام ليبيا

26/جمادى الأولى/1434هـ

2013/4/7

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق