طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

ما حكم طلاق السكران؟

هل يختلف الحكم في طلاق السكران بين المختلط والطافح؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5008)

 

السيّد المحترم/ قاضي الإشراف بمحكمة س ج الجزئية.

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحيّة طيّبة، وبعد:

فبالنـظر إلى مراسلتكم المتضمنة السُّؤال عن واقعة طلاق السيد “ن” على “ع” وهو في حالة سكر.

فالجواب كالتالي:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فطلاقُ السكران في حال غياب عقلهِ واقعٌ إنْ كان فيه نوعُ تمييزٍ، وهو ما يسمى بالسكران المختلط، وأمّا إنْ كان السكرانُ لا تمييزَ له، لا يدرك شيئًا، ولا يعرفُ السماء من الأرض، وهو ما يسمَّى بـالسكرانِ الطافح؛ فهذا كالمجنون، طلاقُه غير واقع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ؛ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ) [أبو داود: 4405]، وهو قول عثمان بن عفان وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم، ورواية محمد بن عبد الحكم رحمه الله في المذهب، واختيار ابن رشد والباجي رحمهما الله، قال ابن رشد رحمه الله: “السَّكْرَانُ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ: سَكْرَانُ لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَا الرَّجُلَ مِنَ الْمَرْأَةِ، وَسَكْرَانُ مُخْتَلِطٌ مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاخْتِلَاطَ مِنْ نَفْسِهِ فَيُخْطِئُ، وَيُصِيبُ، فَأَمَّا السَّكْرَانُ الَّذِي لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَا الرَّجُلَ مِنَ الْمَرْأَةِ، فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ، وَأَقْوَالِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَأَمَّا السَّكْرَانُ الْمُخْتَلِطُ الَّذِي مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ … وَالرَّابِعُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْجِنَايَاتُ، وَالْعِتْقُ، وَالطَّلَاقُ، وَالْحُدُودُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارَاتُ، وَالْعُقُودُ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ رحمه الله، وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ، وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ” [البيان والتحصيل: 258/4].

عليه؛ فإن الطلاق غير واقع؛ لأن السائل وقت تلفظه بالطلاق كان فاقدا للوعي ولا يعي ما يقول، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

29//ربيع الأول//1444هـ

25//10//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق