طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصاياالوقف

هل يجوز إلغاء الوقف على الذرية مطلقا؟

ما حكم القانون رقم (16) لسنة 1973م بإلغاء الوقف على غير الخيرات؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4697)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

صدر قانون رقم (16) لسنة 1973م بإلغاء الوقف على غير الخيرات، ويدخل في ذلك الوقف على الذرية، ويعتبر هذا النوع من الوقف باطلًا بناء على القانون الصادر، وأرفق السيد وزير العدل وقت صدور القانون مذكرة يقول فيها: “إن من مصلحة الحاكم إلغاء الوقف الذري متى ما رأى في ذلك مصلحة عامة؛ لجلب المصلحة المعتبرة شرعًا، ولأن الوقف الذري لا يقوم دليله على نص شرعي لا يصح معه الاجتهاد”، وقد اعتمد قرار مجلس البحوث بدار الإفتاء الليبية على هذا القانون في إبطال الوقف على الذكور دون الإناث، علما أن القانون يشمل الوقف على الذرية مطلقًا، فهل يصح لنا إلغاء الوقف على الذرية مطلقًا بناء على القانون الصادر، وبناءً على مذكرة السيد وزير العدل؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالأصل أن المرء يملك حق التصرف في ما يملكه، سواء بالبيع أو الهبة أو الوقف، وغيرها من التصرفات الجائزة شرعًا، وتصرف ولي الأمر بتقييد المباح إنما تجب طاعته فيه إذا تعيَّنت فيه المصلحة أو غلبت، عملًا بالقاعدة الفقهية، قال القرافي رحمه الله: “اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ وَلِيَ وِلَايَةَ الْخِلَافَةِ فَمَا دُونَهَا إلَى الْوَصِيَّةِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ إلَّا بِجَلْبِ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَرْءِ مَفْسَدَةٍ”[الفروق:4/39]، وما ورد في القانون الصادر ليس تقييدًا للمباح، وإنما هو إبطالٌ له، واتباعهم في تقييد المباح إنما يكون إذا كان لجلب مصلحة عامة أو درء مفسدة، وطاعة الحاكم تكون في المعروف، وليس في تحريم الحلال أو تحليل الحرام، فقد جاء في الحديث عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ: (أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: يَا عَدِيُّ اطْرَحْ هَذَا الْوَثَنَ مِنْ عُنُقِكَ، فَطَرَحْتُهُ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ بَرَاءَةَ، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ) [التوبة: 31] حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، فَقُلْتُ: إنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ، فَقَالَ: أَلَيْسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللهُ فَتُحَرِّمُونُهُ، ويُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَتَسْتَحِلُّونَهُ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَتِلْكَ ‌عِبَادَتُهُمْ) [المعجم الكبير:218]، كما أن هذا القانون أبطل العمل بالوقف على غير الخيرات بناء على المصلحة العامة، كما ورد في مذكرة السيد وزير العدل؛ ولكن لم يبين وجه المصلحة العامة التي استند إليها وتحقق المصلحة المعتبرة شرعًا حتى يعمل بالقانون.

عليه؛ فالقانون الصادر بإلغاء الوقف على غير الخيرات بعمومه يعتدُّ به في إبطال الوقف على الذكور دون الإناثِ فقط؛ لموافقته للأحكام الشرعية، ولا يعتد به في إلغاء الوقف الذري مطلقا؛ لأن الشريعة أجازته فيما إذا كان على الذكور والإناث، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

02//ربيع الآخر//1443هـ

07//11//2021م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق