طلب فتوى
البيعالشركةالفتاوىالمضاربةالمعاملات

اجتماع السلف والبيع مفسد لعقد المضاربة

تعحيل حصة الشريك المنسحب من المضاربة فيما تم بيعه

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4560)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أُتاجرُ بالمواد الغذائية، وأعمل بالمضاربة في أموال الناس، بنسبة معلومة من الأرباح، وأقوم بإقفال الحساب عند نهاية كل شهر؛ لتوزيع الأرباح بين المضاربين، وذلك بتقويم البضاعة المتبقية وضمها للنقد المتحصل عليه، ولا أبيع بالدين، وإذا أراد أحد المضاربين الانسحاب بعد توزيع الربح، فالاتفاق أن أوفِّر له رأس ماله خلال شهرين، ولا يأخذ ربحًا عن حركة المال في هذين الشهرين، ولا يتحمل خسارةً، فما الحكم؟

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فالمضاربة من العقود الجائزة، التي لا تلزم بمجرد العقد أيًّا من طرفيه، بل لا بد أن ينضم إليه عمل، فلهما أن يتركَا ما لم يشرعَا فيه، فإذا شرع العامل في العمل لم يكن لأحدهما الترك إلا برضا صاحبه، حتى يتم بيع جميع سلع المضاربة، ويجوز بتراضيهما إنهاؤها متى ما أرادَا، قال ابن شاس رحمه الله: “وَالْقِرَاضُ جَائِزٌ يَنْفَسِخُ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الشُّغْلِ، فَإِذَا عَمِلَ وَشَغَّلَ الْمَالَ لَمْ يَكُنْ لِلْعَامِلِ أَن يُرَدَّهُ حَتَّى يَنُضَّ، وَلاَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ قَبْلَ إِنْضَاضِه” [عقد الجواهر الثمينة: 3/909].

عليه؛ فلعامل المضاربة أن يتمسك بالعقد ويمنع من أراد الانسحاب بماله، إلا بعد بيع البضاعة بأكملها، وهو المسمى عند الفقهاء بنضوض المال، وهم في هذه الفترة شركاء في الربح والخسارة، فإن وافق العامل على فسخ العقد وإنهائه -قبل النضوض- وقَبِلَ باقي الشركاء حصة المنسحب من البضاعة المتبقية، فلا يجوز في هذه الحالة تأخير حصة النقد من رأس مال المضارب المنسحب؛ لأنه يؤول إلى سلف وبيع، فقد باع المنسحب لهم حصته من السلع، وأسلفهم حصته من المال الذي بأيديهم، واجتماع السلف والبيع مفسد للعقد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ) [الترمذي: 1234، حسن صحيح]، وعليه؛ فينبغي لكي تكون المعاملة شرعية، إذا قبل الشركاء حصة المنسحب من البضاعة، أن يعجَّل للمنسحب حصة ثمن ما تم بيعه من البضاعة، وما لم يتم بيعه يجوز تأجيله إلى ما يتفقان عليه، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

 لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الدائم بن سليم الشوماني

عبد الرحمن بن حسين قدوع

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

17//ذو القعدة//1442هـ

28//06//2021م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق