طلب فتوى
الأسرةالأقضية والشهاداتالطلاقالفتاوى

اختلاف العلماء في الرجل يقول لزوجته: “أنت عليَّ حرام”

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2411)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

ورد إلى فرع دار الإفتاء بسبها مسألة مفادها: “رجل قال لزوجته: أنت حرام ليوم القيامة، وقد وقع منه الطلاق مرتين قبل هذا، فما الحكم؟”.

وقد أجاب فرع سبها ببينونتها بينونةً كبرى، غير أن بعضَ طلاب العلم استنكرَ الحكم، ونقل نقولا عن بعض المذاهب بخلافِ قول مفتي فرع سبها، فما هو القول الصحيح؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فلا ينبغي أن يكون الخلاف بين أقوال أهل العلم في المسائل الفقهية سببًا للنزاع والشقاق، قال سبحانه وتعالى: )وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ( [آل عمران:105]، والعامي في مسائل الخلاف لا يعدو حاله إحدى ثلاث؛ “… إِنِ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ – أَيْ: عَلَى الْعَامِّيِّ – (مُجْتَهِدَانِ)، بِأَنْ أَفْتَاهُ أَحَدُهُمَا بِحُكْمٍ، وَالآخَرُ بِغَيْرِهِ (تَخَيَّر) فِي الأَخْذِ بِأَيِّهِمَا شَاءَ عَلَى الصَّحِيحِ … وَقِيلَ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ الأَفْضَلِ عِلْمًا وَدِينًا، فَإِن اسْتَوَيَا تَخَيَّرَ… وَقِيلَ: يَأْخُذُ بِالأَغْلَظِ وَالأَثْقَلِ مِنْ قَوْلَيْهِمَا، وَقِيلَ: بِالأَخَفِّ، وَقِيلَ: بِالأَرْجَحِ دَلِيلًا، وَقِيلَ: يَسْأَلُ ثَالِثًا” [مختصر التحرير شرح الكوكب المنير:580/4]، هذا قبل حكم الحاكم – القاضي – أما إن حكم القاضي بمذهب معتبر فحكمه رافع للخلاف، قال القرافي رحمه الله: “اعلم أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد يرفع الخلاف، ويرجع المخالف عن مذهبه لمذهب الحاكم، وتتغير فتياه بعد الحكم عما كانت عليه، على القول الصحيح من مذاهب العلماء” [الفروق: 103/2].

والمسألة المعروضة من مسائل الخلاف المعتبر، وقد تعددت فيها أقوال أهل العلم، قال القرطبي رحمه الله: “واختلف العلماء في الرجل يقول لزوجته: “أنت عليَّ حرام” على ثمانية عشر قولا …” [الجامع لأحكام القرآن:180/18]، وسبب الخلاف هو فهم الأئمة رحمهم الله للنصوص، وقول مالك رحمه الله بأنها بينونة كبرى معتبر؛ قال سحنون رحمه الله: ” أرأيت إن قال لها: أنت علي حرام، ينوي بذلك تطليقة أو تطليقتين؟ أيكون ذلك له في قول مالك؟ قال ابن القاسم: قال مالك: إن كان قد دخل بها فهي البتة، وليس نيته بشيء…” [المدونة:393/5]، ومع هذا كله فقد نوَّى القاضي – كما جاء مرفقا في شهادة الشيخ (م) – صاحبَ الحادثة، وذكر له: “أنه يقصد بها الطلاق أو الفراق”.

عليه؛ فإن كان الواقع ما ذكر؛ فإن حكم الحاكم يرفع الخلاف، والزوج قد استنفذ الطلقات الثلاث، وبانت منه المرأة بينونة كبرى، ولا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره؛ لقول الله سبحانه وتعالى في الطلقة الثالثة: )فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ( [البقرة:230]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

أحمد محمد الكوحة

 

الصادق عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

8/شعبان/1436هـ

26/مايو/2015م

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق