طلب فتوى
الحديث الشريفالفتاوى

الاستدلال بقوله صلى الله عليه وسلم: (أنت ومالك لأبيك) عن منع ابنٍ من أخذ حقه

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (1680)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

أنا موظف بشركة النفط منذ مطلع 1986م، وكان عملي بالصحراء، وكانت الشركة تسلمنا رواتبنا في أظرف؛ لأنه لم يكن عندي حساب مصرفي، فكنت أعطي مرتبي لوالدي ليحتفظ لي به، بعد أن آخذ من المرتب المذكور مصروف جيبي، وإخوتي على علم بذلك، ومقرُّون به، وبعد سبع سنوات قررت شراء منزل فاستشرت والدي، فقال لي: نذهب وننظر المنزل، ثم تأخذ مالك، فوجدنا المنزل مغصوبا، فمنعني والدي من شرائه، وبعد فترة وجيزة كتب لي والدي قطعة أرض له باسمي، وقال لي: هذه الأرض أحسن لك من ملك الناس، ففهمت أنه أعطاني هذه القطعة مقابل مالي المودع عنده، وبعد وفاة الوالد طلب إخوتي مني إرجاع الأرض ليتقاسمها الورثة؛ لأنها هبة من الوالد، والمال الذي أعطيته للوالد – حسب قولهم – من باب قوله صلى الله عليه وسلم: (أنت ومالك لأبيك)، فهل عليَّ أن أرجع الأرض للورثة؟ علما بأن المال الذي وجدناه في حساب الوالد – ومنه المال الذي أودعته عنده – تم تقسيمه حسب الفريضة الشرعية، وقد بنيت في الأرض المذكورة مخزنا بعد وفاة الوالد.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن تنازل والدك عن قطعة الأرض المذكورة لك من قبيل الهبة، ولا تتم الهبة إلا بالحيازة، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “ولا تتم هبة، ولا صدقة، ولا حبس، إلا بالحيازة” [الرسالة:117]، فالتنازل المذكور لم تتم فيه حيازة في حياة الواهب – كما هو مفهوم من السؤال – فيُعَدّ وصية لوارث لا يصح، وتقسّم الأرض بحسب الفريضة الشرعية على جميع الورثة، وعليك أن ترجِع على الورثة بالمال الذي كنت قد أودعته عند والدك، بما أنهم أقروا لك بذلك، وبثمن المخزن قائما؛ لأنك بنيته بشبهة، وما ذكره الإخوة من أنه لا حق لك في هذا المال، واستدلالهم بقوله صلى الله عليه وسلم: (أنت ومالك لأبيك) لا يسلم لهم به، قال ابن عبد البر – رحمه الله -:”وليس له [أي: الأب] من ماله [أي: ابنه] إلا القوت عند الفقر والزمانة، وما استهلك من ماله غير ذلك ضمنه له، ألا ترى أنه ليس له من مال ولده إن مات وترك ولدا إلا السدس وسائر ماله لولده، وهذا بيَّن أن قوله صلى الله عليه وسلم: (أنت ومالك لأبيك) [ابن ماجه:2291] أنه ليس على التمليك، وكما كان قوله عليه الصلاة والسلام: (أنت) ليس على التمليك؛ فكذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (ومالك) ليس على التمليك، ولكنَّه على البر به والإكرام له” [الاستذكار:142/24]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

محمد الهادي كريدان

أحمد محمد الغرياني

 

غيث بن محمود الفاخري

نائب مفتي عام ليبيا

7/ربيع الأول/1435هـ

2014/1/8م

                                                            

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق