طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصاياالهبة

البناء في ملك الغير

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5152)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أنا المواطن (ع)، بنيتُ طابقًا فوق منزل أبي المتكوِّن من طابق واحد بإذنٍ منه، على حسابي الخاص، ثم أكملتُ البناء بعد وفاته، بعلمِ الورثة، فهل ما بنيتُه فوق منزل والدي يعدُّ ميراثًا؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإذنُ الأب لابنه بالبناء على الأرض أو السطح لا يُعدُّ هبةً له، فقد ذهب ابن مُزَيْنٍ رحمه الله ومَن تبعه؛ إلى أن هذا القول من الأبِ للابن لا يفيدُ التمليك، ولا يعدّ إذنا على الحقيقة، وليس له إلا قيمة بنائه منقوضًا، قال ابن مُزَيْنٍ رحمه الله: “مَنْ قَالَ لاِبْنِهِ اعْمَلْ فِي هَذَا الْمَكَانِ كَرْمًا أَوْ جَنَانًا أَوِ ابْنِ فِيهِ دَارًا فَفَعَلَ الْوَلَدُ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، وَصَارَ الْأَبُ يَقُولُ كَرْمُ ابْنِي وَجَنَانُ ابْنِي، فَإِنَّ الْقَاعَةَ لاَ يَسْتَحِقُّهَا الابْنُ بِذَلِكَ وَتُورَثُ عَنِ الْأَبِ، وَلَيْسَ لِلِابْنِ إِلَّا قِيمَةُ عَمَلِهِ مَنْقُوضًا … وَقَدْ يَكُونُ مِثْلُ هَذَا كَثِيرًا فِي النَّاسِ فِي الْوَلَدِ وَالزَّوْجِ وَلاَ يُرِيدُونَ بِهِ التَّمْلِيكَ” [منح الجليل: 182/8].

وهذا الحكم – وهو عدم تمليك الأرض وإعطاء الابن قيمة البناء منقوضًا – مبني على العرفِ في ذلك الوقت، فإذا تغيَّر العرف تغيَّر الحكم، قال العجماوي رحمه الله: “وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ مِلْكًا لَهُ لِلْعُرْفِ فِي تَطْمِينِ الْأَبْنَاءِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ، وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ هَذَا لِأَجْنَبِيٍّ كَانَ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ” [شرح المختصر: 347]، وقال ابن رحال رحمه الله: “… وَإِنَّمَا كَانَ لِلِابْنِ قِيمَةُ مَا بَنَاهُ مَنْقُوضًا؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِتَطْيِيبِ الْأَبِ خَاطِرَ الْوَلَدِ، وَلَوْ كَانَ قَالَ هَذَا لِأَجْنَبِيٍّ لَمْ يَكُنِ الْحُكْمُ كَذَلِكَ … وَالرُّجُوعُ لِلْعُرْفِ هُوَ الْوَاجِبُ فِي هَذَا، فَإِنَّ الْآبَاءَ لَا يَقْصِدُونَ مَا قَالَهُ ابْنُ مُزَيْنٍ” [فتح الفتاح: 10/17ب]، ومثل هذا القول من الأب للابن في زماننا، وإن كان لا يعدّ هبةً للأرض والبقعة، فإنه يقتضي الإذنَ لابنه بالبناء حقيقة، وليس مجرّد تطييب خاطر.

عليه؛ فإنه يقضى للابن بقيمة بنائه قائمًا عند مقاسمته مع باقي الورثة، كما أشار إليه ابن رحّال والعجماوي.

وبذلك؛ يستحقُّ الابن قيمة البناء قائمًا، حيث يُقوَّم منزل الأب مع الأرض فقط، ثم يقوَّمُ مع الأرض والطابق الذي بُنِيَ فوق منزل الأب، فيُعطى الابن ما زاده البناء على قيمة المنزلِ مع الأرض، ثم تقسَّمُ قيمة المنزل مع الأرض على الفريضة الشرعية، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

عبد الرحمن بن حسين قدوع

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

23//شعبان//1444هـ

15//03//2023م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق