الخروج على الحاكم المسلم بسبب ظلمه
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1390)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
أنا أستاذ بكلية العلوم (جامعة المرقب)، أقوم بتدريس مقرر للطلاب تحت اسم (ثقافة عامة)، أرجو إبداء الرأي الشرعي في ذلك.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فبعد الاطلاع على الكتاب المذكور وجد عليه مؤاخذات في الصفحتين (3،2) من النص الآتي: “فحق الحرية السياسية (الحق في الاعتراض على الحكم) حق معترف به في الفكر الإسلامي (فالحاكم في الدين فرد من الناس، يصيب ويخطئ، ولكل فرد من الناس حق إرشاده وتقويمه، ولا حرج عليه إذا قام بهذا الحق ولا عقاب عليه فيه من حاكم أو غيره).
كما أعطى الفكر الإسلامي حق الثورة والتغيير، فيجوز لأي مسلم أن يثور على حاكمه، ليس بناءً على شبهة، ولكن بناء على ظلم صريح، فالظلم الصريح يبرر الثورة والتغيير، كما أن الحرية في الفكر الإسلامي ليست مقياس العمل السياسي وحسب، بل وفضلاً عن ذلك ضرورة من ضروريات الحياة كالأكل والشرب … “.
فالنص السابق به عدد من المخالفات الشرعية؛ حيث نص على مشروعية الثورة ضد الحاكم بسبب الظلم.
وهذا مخالف لنصوص الكتاب والسنة الدالة على مناصحة الحاكم الظالم وتقويمه، لا الخروج عليه، فلا يجوز الخروج على الحاكم إلا بسبب الكفر الصريح الذي دلّت عليه الدلائل الشرعية، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: (دعانا النبي صلى الله عليه وسلم، فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا: أن بايعَنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعُسرنا ويُسرنا، وأثَرَة علينا، وأن لا نُنازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً، عندكم من الله فيه برهان)[البخاري:7056، ومسلم:1843]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثَرة عليك)[مسلم:1836]، وعن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: سأل سلمة بن يزيد الجُعفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، أرأيت إن قامت علينا أُمَراء يسألونا حقهم، ويمنعونا حقَّنا فما تأمرنا، فأعرض عنه، ُثم سأله، فأعرض عنه، ثم سأله في الثانية أو في الثالثة، فجذبه الأشعث بن قيس، وقال: اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حُمِّلوا وعليكم ما حُمِّلتم)[مسلم:1846].
فالواجب تجاه الحاكم الظالم نصحه وبيان الحق له، فإنه من أعظم الجهاد في سبيل الله كما قال صلى الله عليه وسلم: (إنّ مِن أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر) [الترمذي: 2329].
وهذه المادة ينبغي أن تكون ثقافة إسلامية، لا ثقافة عامة، توضع فيها مفردات تخدم الثقافة العامة من خلال الثقافة الإسلامية بأسلوب علمي رصين، لا بأسلوب مهلهل كما يظهر من النص المشار إليه آنفاً، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
محمد علي عبد القادر
أحمد محمد الكوحة
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
6/رمضان/1434هـ
2013/7/15م