طلب فتوى
الضمانالغصب والتعديالفتاوىالمعاملات

المطالبة بسيارة جديدة عوضا عن السيارة المتضررة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3372)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

اصطدمت بسيارة، وأردت أن أصلح لصاحبها الجزء التالف، لكنه قال لي: أريد سيارة مثلها؛ لأنها جديدة، واصلاح الجزء التالف فقط لا يردها إلى قيمتها الأولى، لا سيما وأن الضرر قد لحق أصل الهيكل، الذي يسمونه (العظم).

فهل من حقه أن يطلب سيارة مثلها بدلا عنها؟ أم يجب عليه الاكتفاء بتصليح الجزء المعطوب فقط؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن ضمان المتلفات مما اتفق عليه العلماء كافة، وإن لم يقصد المتعدي الضرر؛ لأن العمد والخطأ في أموال الناس سواء؛ قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله: “الأمر المجتمع عليه عندنا في ذلك أن الأموال تُضمن بالعمد والخطأ” [الاستذكار:92/23]، فإذا كان الشيء المتضرر متقوما، والضرر كثيرًا، أو يفوت المنفعة، فالمتضرر مخير؛ بين أخذ قيمة الشيء المصاب كاملا قبل تضرره، أو يمسكه ويأخذ قيمة النقص، وإن كان الضرر يسيرًا، فليس للمتضرر إلا قيمة النقص، قال البراذعي رحمه الله: “ومن تعدى على صحفة أو عصا فكسرها، أو خرق ثوبًا، فإن كان ما صنع قد أفسد ذلك فسادًا كثيرًا، فربه مخيرٌ في أخذ قيمة جميعه، أو أخذه بعينه، ويأخذ ما نقصه من المتعدي، فإن كان الفساد يسيرًا، فليس له إلا ما نقصه، بعد رفء المتعدي للثوب” [تهذيب المدونة:79/4]، قال ابن شاس رحمه الله معلقا: “وفي معنى الفساد ما أتلف الغرض المقصود من العين عادة، وإن كانت الجناية في الصورة المشاهدة يسيرة، مثل أن يقطع ذنب الدابة أو أذنيها، فلا يمكن من جهة العادة الانتفاع بها من الوجه المقصود منه، مما يركب مثله القضاة وذوو الهيئات. رواه ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون وأصبغ، وهكذا إذا جنى على القلنسوة أو الطيلسان والعمامة جنايةً يعلم أن صاحبها ذا الهيئة والمروءة والمنزلة لا يلبسها على تلك الحال، وإن كان قد أتلف على المالك المنفعة المقصودة من العين، فقد صار كمتلفها جملة، بالإضافة إلى مقصوده؛ إذ الأعيان إنما تقصد وتقتنى لمنافعها، فذهاب المنفعة المقصودة من العين التي اقتنيت من أجلها كذهاب العين جملة”[عقد الجواهر:3/875].

وعليه؛ فإن كان الضرر الحاصل للسيارة كثيرا – كما ورد في السؤال – فالسائل مخيرٌ بين أن يأخذ قيمة سيارته يوم أصيبت، وهي سليمة، ويعطي للمتسبب السيارة المعطوبة، وبين أن يمسك المتضرر سيارته ويأخذ قيمة النقص.

ويرجع في تحديد حجم الضرر قلة وكثرة، وإمكانية الانتفاع من عدمه إلى أهل الخبرة، والأصل أن ما بلغ ثلث القيمة فهو ضرر كثير، وما دونه قليل، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد محمد الكوحة

أحمد ميلاد قدور

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

06/المحرم/1439هـ

26/سبتمبر/2017م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق