بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4125)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
ذهبتْ زوجتي لزيارة أهلها، ثم اتصلتْ بي لنرجع إلى البيت، ولما أتيت فوجئت بوالدها يمنعها من العودة معي، دون سبب شرعي أو قانوني، ثم بدأ والدها باستفزازي، وارتفع الحديث بيننا، حتى قلت له من باب الإخبار لا الإنشاء: (بنتك ستتطلق لو لم ترجع)، وذلك لزجره وتخويفه لعله يرتدع، ثم تركته ورجعت لبيتي، وبعدها أتفاجأ بأنه يخبر ابنته بأني طلقتها، فهل ما وقع مني هو طلاق؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فاللفظ المذكور لا يدل على وقوع الطلاق؛ لأنه وعدٌ بإنشاء الطلاق إن لم ترجع الزوجة، لا تعليقه على عدم رجوعها، فلا يكون الطلاق واقعًا إذا لم ترجع الزوجة إلى البيت، إلا إذا كان الزوج قد أراد بلفظه وقوع الطلاق بمجرّد عدم الرجوع، فإنه حينها يلزمه الطلاق إذا لم ترجع إلى البيت، فإذا لم ينو ذلك فلا يلزمه الطلاق؛ لأن صيغته صريحة في الوعد بالطلاق مستقبلًا، قال القرافي رحمه الله: “أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ طَلَاقُهَا فَسُئِلَ عَنْهَا هَلْ هِيَ مُطَلَّقَةٌ أَوْ بَاقِيَةٌ فِي الْعِصْمَةِ؟ فَقَالَ: هِيَ طَالِقٌ جَوَابًا لِهَذَا السُّؤَالِ لَمْ يَلْزَمْهُ بِهَذَا طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً فِي الْعِدَّةِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بِالْإِنْشَاءِ الَّذِي هُوَ وَضْعٌ عُرْفِيٌّ لَا لُغَوِيٌّ”[الفروق:1/38]، ولا يحل لأهل الزوجة منعها من الرجوع إلى بيت الزوجية، والواجب عليهم إصلاح ذات بينهما، قال تعالى: (فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ) [الأنفال:1]، بل قد يكون فعلهم هذا من تخبيب الزوجة على زوجها، وهو محرم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ خَبَّب زَوْجَة امْرِىءٍ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا) [أبوداود:5170]، والتخبيب: إفساد العلاقة بين الزوجين، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
(أعطيت هذه الفتوى بناء على طلب المستفتي وإقراره بأن القضية موضوع الفتوى ليست معروضة على القضاء، وإذا ثبت خلاف ذلك فتعد الفتوى لاغية ويخضع صاحبها للمساءلة القانونية)
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم بن سليم الشوماني
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
28// جمادى الآخرة// 1441هـ
23// 02// 2020م