طلب فتوى
2013البياناتصادر الدار

بيان دار الإفتاء بخصوص أعمال العنف والاغتيالات المتزايدة.

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ    

الحمد لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين، وبعد؛

     فإن أعمال العنف والقتل والاغتيالات، والسطو بقوة السلاح على الممتلكات والأنفسِ، تزايدت في الأيام الأخيرة بصورةٍ مخيفة، كان مِن ضِمنها رميٌ بالقاذفات على أكبر الفنادقِ في العاصمة طرابلس، واستهدافٌ لِبعض السفارات، واستلابٌ للسيارات – حتى تلك التي تنقلُ القمامة – بقوةِ السلاح من الطريقِ العام، واغتيالاتٌ للأبرياءِ في مختلف المدنِ الليبية، وهذا منزلقٌ إلى الجريمةِ خطيرٌ، مُستنكَرٌ في الشرعِ والعرفِ والطبع، لا يرضاه صاحبُ دين، ولا مَن له في الوطنية نصيب!

 

ودار الإفتاء لخطورة هذا الأمر على البلد، توجّه خطابين:

الأول:

ليعلمْ كلُّ مَن له صلةٌ بهذا القتل، سواءٌ كان فردًا أو جماعةً أو دولةً أو تنظيمًا، أيًّا كان انتماؤُه أو توجُّهاته، أنه يرتكب ظلما كبيرا وإثما غليظًا، فإنه ليس هناك ذنبٌ بعد الشرك بالله أعظم ولا أبغض ولا أشنع من قتل مسلم بغير حق، وليُعِدّ القاتل نفسه للجواب، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المقتول يجيءُ آخذًا قاتلَه بإحدى يديه، وآخذا رأسَه بيده الأخرى، تشخبُ أوداجُه دمًا، يقولُ: يارب سَلْ عبدَك هذا فِيمَ قتلنِي؟

     وقد جاء في صحيحِ السنةِ أن أسامةَ بنَ زيد قتل رجلا مُشركا بعدَ أن قال: “لا إله لا الله”، متأوِّلا أنه قالَها خوفًا مِن السيفِ، فعَنَّفه النبيُّ صلى الله عليه وسلم على ذلك تعنيفًا بليغًا، حتى تمنّى أسامةُ أنه لم يسلمْ إلا ذلك اليوم! وكان يقولُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم: “استغفرْ لي”، فلا يزيدُه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على قوله: (أقتلتَه بعدَ أن قالَ لا إلهَ إلا الله؟ كيفَ تَصنعُ بلا إلهَ إلا اللهُ إذا جاءت؟)، هَذا وأسامةُ رضيَ الله عنه كانَ متأوِّلا، فكيفَ بمن يفعلُ ذلك عُدوانا وبغيا؟!

الثانية:

على أجهزةِ الدولة المعنية بالأمنِ وتنفيذ الأحكام على الجناة، أن تتحمل مسؤوليتها، وأن تضع حدًّا لهذا القتل، فوزارَةُ الداخلية، والنيابةُ، والقضاءُ ومجلسُه الأعلى، والحكومةُ، جميعا مسؤولون على أرواحِ الناس، ويسألُهم الله عز وجل عن التهاونِ في القصاصِ منَ الجناةِ حماية للأرواح.

     فإنّ الله تعالى يقول: {ولكُمْ في القصَاصِ حيَاةٌ يا أولي الألبَابِ}، يعني أنَّ في القصاصِ أمنًا وحفظًا للأرواح، فإذا أردتم الأمنَ فعليكم بالقصاص، وإذا تركتُم القصاصَ فقد أعنتم على مزيدٍ من سفكِ الدماء، والله سائلُكم عنها!

سلمَ الله البلاد، وجمع الكلمة على الحقّ والهدى.

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

السبت 19رمضان 1434هـ

الموافق: 27/ 7/ 2013م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق