طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالوقف

توضيح المقصود من لفظ “غلة” في وثيقة تحبيس

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5125)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

جاء في وثيقة ما نصه: “فقد عهد وأوصى سيدي ع م ح -إذا أتاه أجله المحتوم، وتوفاه الحي القيوم- بالثلث من مخلفاته العقارية البلدية دون البرية، صدقةً جارية على الطلبة القارئين القرآن العظيم في الربعة المحبسة على جامع عبد النور، والربعة المحبسة على جامع التير، والفقراء الذاكرين كلمة الإخلاص بمسجد النقيب والمساكين، بالغلة الحاصلة من العقار المذكور كل سنة، تصرف على المذكورين فيما ذكر على الأبد… وتُخرج من العقار المذكور غلة نخلة فطرة على جامع المشايخ الست”، علمًا أن العقار المذكور قطعة أرض بها نخلٌ، فهل تستحق المساجدُ المذكورة ثلثَ الأرض أم ثلثَ الغلة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن قول الموصي: (صدقة جارية)، وقوله: (على الأبد) قرائن تدلُّ على أنه أراد به التحبيس المؤبد، قال خليل رحمه الله: “بِحَبَّسْتُ وَوَقَفْتُ وَتَصَدَّقْتُ إِنْ قَارَنَهُ قَيْدٌ أَوْ جِهَةٌ لَا تَنْقَطِعُ” [مختصر خليل:222]، قال الزرقاني رحمه الله -شارحًا- وسلمه البناني رحمه الله: “وَمِثْلُ الْقَيْدِ بِلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ فِي جِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ الْقَيْدُ بِالسُّكْنَى وَالاسْتِغْلَالِ” [شرح الزرقاني على مختصر خليل: 150/7-151]، والمقصود بالغلة ما يستفاد من الأصول بلا بيع لرقابها، كثمر الأشجار وأجرة الأرض أو الدار، قال ابن عرفة رحمه الله في تعريف الغلة: “والغلة مَا نَمَا عَنْ أَصْلٍ قَارَنَ مِلْـكَهُ نُمُوُّهُ، حَيَوَانٍ، أَوْ نَبَاتٍ، أَوْ أَرْضٍ” [المختصر الفقهي:485/1]، وتحبيس الأصول الثابتة كالأراضي والتصدقُ بغلتها، هو الموافق لتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه، فعَنِ ‌ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: (قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الْمِائَةَ سَهْمٍ الَّتِي لِي بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَعْجَبَ إِلَيَّ مِنْهَا، قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: احْبِسْ أَصْلَهَا وَسَبِّلْ ثَمَرَتَهَا) [سنن النسائي: 6/ 232].

عليه؛ فإن ثلثَ الأرض يكونُ حبسًا على المساجد المذكورةِ، لا يباعُ ولا يوهبُ ولا يورثُ، وتصرفُ غلتها أيا كانت الغلة من ثمار وكراءٍ ونحوه على الوجه المنصوصِ في الوثيقة؛ فإن المقصود بالغلة غلة الأرض كلها لا غلة النخل فقط، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

06//شعبان//1444هـ

26//02//2023م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق