طلب فتوى
الأسرةالفتاوىالنكاح

حكم الحضانة للأم الكافرة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5126)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

تزوجتُ امرأة نصرانية إيطالية سنة 2016م، في دولة مالطا، وفي سنة 2019م اعتنقتِ الإسلام في المركز الإسلاميّ بإيطاليا، وبعد سنتين ارتدتْ عن الإسلام -والعياذ بالله- ولديَّ منها ابنة عمرها خمس سنوات، وقدَّمتْ لي يوم 2022/3/5م إقرارًا كتابيًّا بأنها لم تعد مسلمةً، ثم رجعتُ بابنتي إلى ليبيا، فمارستْ عليَّ الكثيرَ من الضغوطاتِ؛ لأخذ الطفلة كي تعيشَ معها، وذلك عن طريقِ السفارة الإيطالية، ورفعتْ ضدّي قضيةً في محكمة إيطالية، فحكمتْ بانفصالها عني، وبإسنادِ الحضانةِ لها، وفي محاولة منها لإرجاعِ الطفلةِ أعلنتْ توبتَها، ووثَّقتها عند إمام مصلّى في إيطاليا، فهل مِن حقها الحضانة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فحضانة الأولاد الصغار، هي القيام بشأن المحضون ورعايته الرعاية الشرعية الصحيحة بسكناه مع الحاضن، وهي تستمرُّ في الذكور إلى البلوغ، وفي الإناثِ إلى أن يدخلَ بهنّ أزواجهنّ، والأحقُّ بحضانة الطفل أمّهُ، لكن تشترط فيها الأمانةُ في الدين إن كانتْ مسلمةً، وإن كانت الحاضنة غير مسلمة فيشترط أن تكون تحت رعاية ورقابة المسلمين إن خيفَ عليه الفساد، قال خليل رحمه الله: ‌”وَشَرْطُ ‌الْحَاضِنِ ‌الْعَقْلُ، وَالْكِفَايَةُ لَا: كَمُسِنَّةٍ، وَحِرْزُ الْمَكَانِ فِي الْبِنْتِ يُخَافُ عَلَيْهَا، وَالْأَمَانَةُ وَأَثْبَتَهَا، وَعَدَمُ كَجُذَامٍ مُضِرٍّ، وَرُشْدٌ، لَا إسْلَامٌ وَضُمَّتْ إِنْ خِيفَ لِمُسْلِمَينَ” [مختصر خليل: 139]، قال الدردير رحمه الله شارحًا: “(لَا إسْلَامٌ) فَلَيْسَ شَرْطًا فِي الْحَاضِنِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (وَضُمَّتِ) الذَّاتُ الْحَاضِنَةُ (إنْ خِيفَ) عَلَى الْمَحْضُونِ مِنْهَا فَسَادٌ كَأَنْ تُغَذِّيَهُ بِلَحْمِ خِنْزِيرٍ أَوْ خَمْرٍ (لِمُسْلِمِينَ) لِيَكُونُوا رُقَبَاءَ عَلَيْهَا” [الشرح الكبير: 529/2].

ويشترطُ في ثبوتِ الحضانةِ للحاضنةِ ألَّا تسافرَ إلى بلدٍ آخر غير بلدِ وليِّ المحضون، إنْ كان سفرَ انقطاع، وكان البلدُ المنتقلُ إليه بعيدًا، قال بهرام رحمه الله: “وَمِنْ شَرْطِ ثُبُوتِ ذَلِكَ لِلْحَاضِنَةِ أَلاَّ تُسَافِرَ هِيَ كَذَلِكَ بِالْوَلَدِ عَنْ مَكَانِ الْوَلِيِّ”[تحبير المختصر: 447/3].

عليه؛ فلا يحقّ للأم الحضانة شرعًا؛ للخوف على البنت من الفسادِ إنْ بقيتْ مع أمها؛ لكفرها، ورجوع الأم للإسلام ولو افترضنا أنها صادقة، فلا حقّ لها في الحضانة ما دامت تريد أن تقيم في بلد بعيدة عن مكان الأب، وبخاصة أنها بلد كفر، ولا يجوز للأب أن يسلم ابنته لتعيش مع أمها في بلد الكفر، فإنه لا يأمن عليها ليس من الفساد فقط بل الكفر أيضا، فإن فعل وسلمها فهو آثم ومفرّط، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

06//شعبان//1444هـ

26//02//2023م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق