حق دفاع أهل (ككلة) عن أنفسهم وأموالهم ومدينتهم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2086)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
نحن وفد من أهالي مدينة ككلة، التي تتعرض هذه الأيام لهجوم شرس، مما يعرف بكتائب القعقاع والصواعق، ومَن يسمون أنفسهم بجيش القبائل، وللأسف بقيادة المدينة الجارة الزنتان، الأمر الذي أدّى إلى مقتل العشرات من المدنيين الآمنين في بيوتههم، فما هو موقف الشرع من هؤلاء، وكيف نتصرف معهم؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ التعدّي على الغير بغير وجه حق، يُعتبر ظلمًا وعدوانا وبغيًا، حرّمه ربُّنا تبارك وتعالى، كما في الحديث القدسي عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجلّ: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا …) [أخرجه مسلم]، وعليه؛ فإن ما يقوم به المذكورون، من هجوم على مدينة (ككلة) بغير وجه حق، هو من الظلم والبغي والعدوان المحرم شرعا، وهو من موجبات سخط الله تبارك وتعالى على فاعله في الدنيا والآخرة، ولأهل (ككلة) أن يدفعوا عن أنفسهم وأموالهم بما يردّ عنهم العدوان؛ قال تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ…)، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ) [الترمذي (1421)، النسائي (4095)، أبوداود (4772)]، وقال القرطبي رحمه الله: “مذهب ابن عمر، والحسن البصـري، وإبراهيم النخعي، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان، وبهذا يقول عوام أهل العلم، أن للرجل أن يقاتل عن نفسه وأهله وماله إذا أريد ظلمًا”.
هذا ونسأل الله تبارك وتعالى أن يردَّ المعتدين إلى رشدهم، ويهديهم جادّة الصواب، فالرجوع إلى الحق فضيلة، والتمادي في الغي عاقبته وخيمة، علّ الله أن يجمع الكلمة على الحق والهدى، ويوحدّ الصفَّ، ويحقن الدماء، إنه على ذلك قدير، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
محمد الهادي كريدان
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
17/المحرم/1436هـ
2014/11/10م